آخر تحديث :الإثنين-27 مايو 2024-01:45ص

أدب وثقافة


قصة قصيرة : أسد ولا تعليق

الثلاثاء - 08 يوليه 2014 - 04:00 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة : أسد ولا تعليق
وجدي الاهدل

((عدن الغد)) كتب / وجدي الاهدل :

ذهب الحمار يوماً إلى الأسد ملك الغابة وهو يعرج ويربط شاشاً أبيض على رأسه .

اشتكى الحمار من النمر والذئب والثعلب ، وطالب بمحاكمتهم .

سأله الأسد :

ـ ماذا فعل بك النمر ؟

قال الحمار وقد اقشعر بدنه لا إرادياً :

ـ اختطفني وعذبني في معتقل سري بتهمة أنني أتكلم في السياسة .

ضحك الأسد حتى استلقى على قفاه .

أبرز الحمار الجراح التي في رأسه وقال وهو يكاد ينفجر باكياً :

ـ أنظر كيف عذبوني في المعتقل .. هل هذه هي الديمقراطية التي وعدتنا بها ؟!

تنحنح الأسد ومسح لبدته ببراثنه :

ـ لقد عذبوك ليس لأن الكلام في السياسة ممنوع ، ولكن لأنك لا تفهم في السياسة .. هل نسيت أنك حمار !

وغرق الأسد في الضحك مجدداً .

قال الحمار وهو يهز رأسه :

ـ الآن اطمأن قلبي .. كنت أحسب أن ديمقراطيتنا قد تم المساس بها .

رد الأسد بحزم :

ـ لا تقلق أيها الأخ ، الديمقراطية في أمان ولن يستطيع أي عابث أن يزعزع أسسها حتى لو كان حماراً مثلك .

نكس الحمار رأسه وساد صمت قصير .

الحمار : هل تعرف ماذا فعل بي الذئب ؟

الأسد : الذئب صاحبي ، ماذا فعل ؟

الحمار : كانت معي أرض أريد أن أبني عليها بيتاً فأخذها مني غصباً ، فلما قاومته عضني وسبب لي عاهة مستديمة في قائمتي اليسرى الخلفية .

الأسد : لا تغضب من الذئب وحاول أن تتحمله ، فهو وطني زيادة عن اللزوم ، ويحب أرض بلادنا إلى درجة العبادة ، ويعتبر التراب الوطني مقدساً ، ويظن نفسه أكثر واحد يستطيع الحفاظ عليه .

الحمار : آه .. لقد أسأت الظن وحسبته قاطع طريق يسطو على الأراضي ولم أكن أعرف أنه يفعل ما يفعل حباً في تراب الوطن .

الأسد : يالك من مغفل .. هل رأيت الذئب يسطو على الأراضي خارج الوطن ؟

الحمار : لا .

الأسد : طبعاً لا .. لأنه وطني مائة بالمائة .

الحمار : حقاً حقاً .. وبقي الثعلب ؟

الأسد : الثعلب حبيبي .. ما شأنه ؟

الحمار : إنه يحتكر المواد التموينية ويرفع أسعارها .. أنظر لقد اضطررت لبيع الخرج الجميل الذي كنت أضعه على ظهري لأشتري حفنة من التبن .

الأسد : إنه يعمل ما فيه مصلحتك .

الحمار : ولكن كيف ؟ إنه رأسمالي جشع .

الأسد : صه .. لا تتفوه بالحماقات .. إنه يسعى إلى إزالة الفوارق بين الطبقات وإلغاء الامتيازات الطبقية .. ولذا كان لابد من تجريدك من خرجك لتتساوى مع أمثالك من الحمير .

الحمار : ولكن ظهري يؤلمني .

الأسد : كف عن التذمر أيها الحمار البرجوازي .

الحمار : لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنني أحس وكأن مبدأ إزالة الفوارق بين الطبقات قد جعل كل الطبقات تطبق على أنفاسي !

الأسد : الصبر يا بني .

الحمار : كيف أصبر وقد أصبحت سائر طبقات المجتمع تركب فوقي دون طبقة من قماش تحميني من الاحتكاك .. انظر لقد تسلخ ظهري .

الأسد : اللعنة عليك يا فسل ، أيأتمنك الشعب على أردافه وأنت تشكو ؟!

الحمار : يا ملك الغابة لو جربت أن تجعلهم يركبون فوق ظهرك يوماً واحداً فقط لأدركت مقدار معاناتي .

انتاب الأسد غضب شديد وظهرت مخالبه :

ـ أنا يركب فوق ظهري الغوغاء .. ويلك يا سفيه .

وأطبق الأسد أنيابه في رقبة الحمار وقضى عليه.