آخر تحديث :الأربعاء-08 مايو 2024-02:08ص

ملفات وتحقيقات


بعيداً عن أصوات الرصاص.. تيجي نتقرع قُراع عدني

الثلاثاء - 08 مارس 2011 - 01:44 م بتوقيت عدن

بعيداً عن أصوات الرصاص.. تيجي نتقرع قُراع عدني
كان هناك الكثير من الفطور المميز مثل: الجبيز، الخمير موفى، الكُبن، اللوب مع المطبق، الهريسه, الخمير الحالي. كان في عدن كرنفال من الطعام و السكان من كل الملل والأديان والألوان يضمهم مجتمع حضاري إنساني

عدن ((عدن الغد )) خاص:

كتب/ بلال غلام حسين

يا جماعة هذا التحقيق البسيط تسلية على القلب زيما تقولوا هافتيم من القتل والسحل اللي حاصل في عدن... كلام عيال حوافي عدن من حق أيام زمان .

 

اليوم يعيش الناس في عصر الهم والدموع والموت، ضاع السلا والصفاط والضحك في ليل هذا الإغتراب الطويل عن عدن الحبيبة، وما بقى لنا إلا المرض والقتل والموت والدمار.  لن يستطيع أحد أن يغير تاريخنا أو ثراتنا .. سوف نحكي للدنيا قصتنا، و ستبقى عدن تستنشق الهواء .. الهواء القادم من حقات وصيرة وساحل أبين والغدير ..

 

هذه القصة يا جماعة الخير من حق الضباحى من سكان عدن الجميلة, والزمن الجميل مع قصة القُراع العدني العتيق الذي لم يعرفه هذا الجيل الجديد.  كان القُراع العدني له ميزة خاصة، والقُراع هو وجبة الفطور، كان الخمير الحالي العدني هو القُراع الشعبي المفضل.

 

كانت هناك مطاعم خاصة تبيع الخمير والشاهي في عدن، وكان خميرهم هذا .. خمير تجاري وليس له أي خاصية أو حتى علاقة في نوعية الخمير الأصلي المعروف الذي كانت تعمله بيوت عدنية ومعروفة مثل خمير شمس بنت عزالدين، وبيت العُراري، وبيت بامدهف، وبيت نعمه في البُغده وغيرها من البيوت العدنية المشهورة، وفي المساء كان يأخذ عيال الحافه الزنابيل حقهم ويزكنوا القُراع من هذه البيوت، لأن كمية الخمير محددة، يا الله على الخمير العدني .. سيد القُراع - الفطور في عدن.  الغريب في الأمر يا جماعة كان هناك نوع من الخمير العدني .. يدعى " المُقصقص" وقد أختفى في الخمسينيات، وهو نوع من الخمير صغير الحجم .. يُقص قطع مثلثة أو مربعة،  كان يُقص بالمقص.  ومن هنا جاء المثل العدني: وُليد مُقصقص.

 

الخمير العدني له تاريخ، كل الأشياء في هذه الحياة لها فن ومعنى، وعظمة الخمير العدني حين يتناوله الإنسان في الصباح الباكر، حلاوة الخمير أكله قبل طلوع الشمس، هل هذا شعور نفسي أو وهم لا أدري!!! ولكن عظمة الخمير في صباح عدن البارد وبرودة الندى في ذلك الوقت، وفي هدوء وسكينة الصباح الجميل تكون للخمير رائحة جميلة مميزة، تتمازج بصباح عدن الجميل .. صباح الجمال والأمل والنهوض إلى العمل. 

 

 كانت مطاعم عدن والبعض منها لها وجبات فطور متميزة منها مطعم الطاؤوس الذي كان يبيع كبده قلابه وروتي أبو صندوق، كان هذا القُراع متواجد في المطعم من 7 حتى 8 صباحا فقط، ومطعم آخر في وسط شارع الزعفران كان متخصص في بيع "مُخ ودقه قِلابه" فقط وفي وقت محدد في الصباح الباكر.

 

وفي حوافي عدن كان هناك الكثير من الفطور المميز مثل: الجبيز، الخمير موفى، الكُبن، اللوب مع المطبق، الهريسه,  الخمير الحالي.  كان في عدن كرنفال من الطعام و السكان من كل الملل والأديان والألوان يضمهم مجتمع حضاري إنساني كانت عدن قد سبقت الكثير من البلاد العربية في إحترام حقوق الإنسان والتعايش السلمي بين البشر.  ويذكر بأنه كانت بجانب مدرسة الريسدينسي التاريخية - مدرسة السيلة (المتحف العسكري حاليا)، كان هناك مطعم يملكه صومالي أسمه جامعو ولا أحد يعرف أحد متى جاء هذا الرجل إلى عدن!!! كل ما نعرف عنه أنه العم جامعو. 

 

 لم يكن مطعم جامعو مطعم كباقي المطاعم, بل كان صندقه صغيرة مفتوحة ولا يوجد لها حتى باب، مجرد ميز خشب طويل ولوح طويل يجلس عليه الناس، وشوله صغيرة أبو بمب، وطاوه.  كان يقص الروتي أبو صندوق سِليسات ويضع فوقها السمن البلدي الصومالي الزُيليعي وقليل من السكر، ويحمص الروتي فوق الطاوه.. وكان يسمى توست العم جامعو.  كانت أكلة جميلة ومميزة مثيلها مثل العديد من المأكولات العدنية الشهيرة والمميزة. 

 

هذه هي عدن التي تميزت ببساطتها وببساطة أهلها الطيبين, لها تاريخ راسخ رسوخ الجبال, ناسها, حوافيها, أكلاتها, وكل شئ فيها يجعل من الأنسان أن يعشق هذه المدينة, وكيف لا وقد عشقها ملوك العالم وتمنوا زيارتها.  وفي قصة القراع العدني الجميل, قراع الضباحى في عدن يقول شاعرنا وأستاذنا علي محمد لقمان في هذا القراع قصيدة جميلة باقول لكم بعض من مقاطعها:

                                                                                                                           

يا للي قُراعك كُبن والا خمير حالي ..... غيرك قُراعه لبن والدوعني الغالي

وإن قلت حقي طبن عمي وبن خالي

لما متى والغذاء دلى وصانونه ..... قحزيز حياتك سدى للجوع نامونه

شي قد نفضت القُراع كبده مُطفايه ..... عمك سعيد في صراع يا حاية يا باية

صفرا تزيد الوجاع من فين أجيب أيه ..... فين العجين بأعجنه بأخبز على الطاوه

بالوجه با أطحنه يا هوو يا بقلاوه

ويضيف في قصيدة أخرى قائلاً:

يا قُرص داير أحبك يا خمير حالي ..... با شبهك بالقمر ماهوش عليك غالي

تبان مُفلطح وبطنك كرشها عالي ..... تورم إذا زكعوا بالشاي جُهالي

وتنتفخ وأستوي من نفختك سالي ..... تقرع صفاري الجُهال في الصبح يا حالي

إسمك يرن في الحوافي والصباح أول ..... و أبني إذا جبت له غير الخمير يزعل

يا أسمر اللون ياللي أصل أبوك أسمر ..... شاحط مُشحط وتتقرمط كما السُكر

ياللي تبيعي الخمير تسلم يدك تسلم ..... يا قاعدة تعجني هذا العجين بالدم

يا باكرة في الصباح تقلي ولا تندم ..... أحسن من الكيك والبسكُت لمن يطعم

هذا خمير والخمير مالوش مثيل في الفم ..... نحنا الطفارى نشوفه فوق ما تعلم

 

وبعد هذه الأبيات والقصة العدنية أرجوا منكم العفو والسماح إذا جبت هذه القصة في غير وقتها, ولكن يا جماعة صدقونا وهذا من فهمي البسيط بأننا وفي هذا الوقت خصوصاً نريد أن نريح هذا القلب قليل من كل المواجع التي تُحيط بنا من كُل جانب من نواحي الحياة التي نعيشها ولكم كل تقديري.