آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:03ص

ملفات وتحقيقات


تحليل : هل يجد الاشتراكي نفسه خارج إطار معادلة الشراكة؟!

الخميس - 17 أبريل 2014 - 12:06 م بتوقيت عدن

تحليل : هل يجد الاشتراكي نفسه خارج إطار معادلة الشراكة؟!

عدن(عدن الغد)خاص:

أكثر من 90 قرارا جمهوريا تخص تعيينات كوادر الحزب الاشتراكي اليمني – الشريك في الائتلاف الحاكم - باتت حبيسة دهاليز مكتب الرئاسة منذ وصل الرئيس عبدربه منصور هادي الى منصب رئاسة الجمهورية قبل أكثر من عامين.


المؤتمر الشعبي العام صاحب نصيب الأسد في المناصب سابقا, رشح عددا من كوادره وتم تعيينهم, وبالمثل فعل رشح الإصلاح وعُينت كوادره في مناصب هامة وبينها محافظو محافظات ومدراء مؤسسات بل قادة ألوية ومراكز أمنية, مع أن هذه المناصب الأخيرة لا تصلح للتقاسم الحزبي.


ورغم شحة القرارات التي صدرت لصالح الحزب الاشتراكي في عدن وكان نصيب محافظة عدن منها على سبيل المثال لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة, كانت بعض تلك القرارات معرضة للتوقيف من قبل الطرف نفسه الذي عرقل إصدار قرارات الاشتراكي من صنعاء.


من الواضح أن الحزب الاشتراكي صدّق وهم الشراكة واندفع ببراءة سياسية لمواصلة تحالفه مع خصوم الأمس في إطار تكتل اللقاء المشترك, وهو يعلم جيدا أنه سيُقصى من الشراكة اذا وصل الائتلاف الحاكم الى الحكم, لكنه كان يتمسك بوميض أمل عله يجد لنفسه موقعا آخر في إطار الشراكة التي حرم منها منذ ان وضعت حرب صيف 1994 أوزارها.

 

 

لم تُرد للاشتراكي حتى عهدته الافتراضية في عدن التي سلمها على طبق من ذهب إلى صنعاء قبل أربعة وعشرين عاما وخرج منها خالي الوفاض, في حين سُلمت هذه المدينة بعد ثورة الشباب للإصلاح


يقول الأمين العام السابق لحزب اتحاد القوى الشعبية الدكتور محمد عبدالملك المتوكل في حوار نشرته صحيفة الجمهورية أول من أمس الثلاثاء: "حين رجعت من الأردن بعد حادثة “الموتور السياسي” عدت إلى اللقاء المشترك، وكان ذلك اليوم هو آخر حضور لي فيه، قلت لهم: بأي حق تقتسمون الوظيفة العامة؟ الوظيفة العامة ملك للشعب كله، أنتم إذا نجحتم في البرلمان تختارون الوزراء ونواب الوزراء فقط؛ لأن هناك قوانين تحكم الوظيفة العامة. كان يومها يرأس الاجتماع الدكتور ياسين سعيد نعمان، فأجاب عليّ: أننا أُقصينا من سابق، ونحن اليوم نقوم بعملية تعويض".. ورغم هذا, فلم يكن الدكتور ياسين يعلم حتى التعويض لن ينالوه.. فمحافظتان من المحافظات الجنوبية تم تسليمهما للإصلاح ولم يتم تسليم محافظة واحدة للاشتراكي الذي كان سببا رئيسيا في إلحاق محافظات الجنوب كلها بصنعاء.


الدرس المفقود


لم يتعلم الحزب الاشتراكي اليمني منذ دخوله في معترك الحياة السياسية في صنعاء أن القوى التقليدية في صنعاء لن ترضى عنه إلا بعد أن يصير نسخة منها تماما. لقد خسر الحزب الاشتراكي جمهوره في الجنوب وهو يردد باستمرار أن رؤيته لشكل الدولة من اقليمين غير قائمة على اساس شطري او تعاقدي بين جهتين, ورغم هذا فلم يرض عنه ساسة الشمال ولا نخبه ولا قواه التقليدية بل حتى مثقفوه.. ورأوا فيه مشروعا لتقسيم اليمن في حين كان يتفانى في أن يظهر كحامي حمى الوحدة.


وشكل الحزب الاشتراكي اليمني منذ عام 2001 تحالف "اللقاء المشترك" مع التجمع اليمني للإصلاح وأربعة أحزاب أخرى، وتعاهد الجميع على الشراكة في الحلو والمر.. وحين حان وقت القطاف وجد الاشتراكي كوادره تُقصى من قبل شريكه الذي صارت كوادره تتوسع في المراكز والمناصب يوما بعد يوم.

 

لا يستطيع محافظ عدن - مثلا- إقالة رئيس جامعة عدن المحسوب على المؤتمر في عدن, لكن كوادر الاشتراكي هم الحلقة الأضعف أمامه


ومؤخرا حين عين رئيس الجمهورية نوابا لرئيس جامعة عدن, كانت القسمة اثنان للمؤتمر مقابل واحد للإصلاح, في حين أن كوادر الاشتراكي في الجامعة أكثر عددا وخبرة ولا تنقصها معايير الإدارة, إلا أنها تُقصى بتعمد وفقا لمعادلة تحالف 1994.


إقصاء ممنهج

طُويت صفحة رئاسة علي عبدالله صالح وجيء بالرئيس الانتقالي هادي ليحكم البلاد على أساس توافقي وفقا للمبادرة الخليجية, وتم اعتبار جميع الموقعين على المبادرة بما فيهم الحزب الاشتراكي اليمني شركاء في الحكم والسلطة.. جاء وقت الحصاد, فعُين قيادي من حزب الإصلاح محافظا لمدينة عدن الجنوبية التي سلمها الحزب الاشتراكي على طبق من ذهب الى صنعاء قبل اربعة وعشرين عاما وخرج منها خالي الوفاض.. لم ترد للاشتراكي عهدته الافتراضية في هذه المدينة التي سُلمت لشريكه الاخر في إطار تكتل اللقاء المشترك، وصار الاشتراكي في عدن لا يملك سوى القبطان سامي سعيد فارع في مؤسسة الموانئ وهو الوحيد الذي بدرجة رئيس مؤسسة في حين لديه كادران آخران برتبة نائب: الأول مراد الحالمي في هيئة الشؤون البحرية, والآخر شفيع العبد في مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة.


ولأن القبطان سامي سعيد فارع كان الوحيد الذي برتبة رئيس مؤسسة في عدن من المحسوبين على الحزب الاشتراكي, جرى توقيفه من قبل محافظ عدن المنتمي للحزب الشريك مع الاشتراكي في إطار اللقاء المشترك (تجمع الاصلاح), الاثنين الماضي.. رغم أن القبطان سامي كان معينا بقرار جمهوري رئاسي ورغم أن مؤسسة الموانئ بحكم القانون النافذ خارج إطار سيطرة المحافظة والمجلس المحلي الذي يرأسه محافظ عدن.


ولم يكن مدير مؤسسة موانئ خليج عدن هو الوحيد المعين بقرار جمهوري وموقوف بقرار محافظ عدن.. الاشتراكي الآخر والمعين بقرار جمهوري وبترشيح مباشر من الدكتور ياسين سعيد نعمان وهو مدير مؤسسة المياه بعدن المهندس نجيب الشعبي تم إيقافه هو الآخر عن العمل بقرار محافظ عدن ولجأ مؤخرا الى القضاء الاداري ليفصل في قرار توقيفه كونه معينا بقرار جمهوري.


الطرف الأضعف


يعلم محافظ عدن جيدا أنه يستحيل عليه أن يتخذ قرارا ما بتوقيف الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور المنتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام وأحد أبرز أذرع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي لا تتجاوز أيام دوامه في جامعة عدن حتى ربع أيام السنة في حين غالب الوقت هو في صنعاء.. ويعلم كذلك أنه يستحيل عليه أن يتخذ قرارا بتوقيف مدير مصفاة عدن أو مدير الجمارك.. لكن الاشتراكي هو الحلقة الأضعف بين هؤلاء جميعا, لكي يُحرك طقما عسكريا ليقتحم مكتب مدير محسوب عليه بل يُتبع ذلك بحصار منزله ومنزل والده بأطقم عسكرية وربما لو كان موجودا في البيت وقت المحاصرة لتم اعتقاله وإيداعه السجن.

 

إضعاف الاشتراكي لن تستفيد منه سوى القوى التقليدية في صنعاء التي تفضل الاحتفاظ بلقب الشريك للحزب الاشتراكي في حين لا تعطيه امتيازات هذا اللقب بشكل حقيقي.


ليس هذا دفاعا عن مدير مؤسسة موانئ عدن بقدر ما هو تشخيص للحالة التي وصل اليها الحزب الاشتراكي اليمني وجعلته في موقع الحلقة الأضعف بين القوى السياسية التي لا يحسب أحد لكوادرها أي حساب.. وقد تكون هناك مخالفات ومؤاخذات على مدير مؤسسة الموانئ مثلما هناك مخالفات ومؤاخذات على من اتخذ قرار إيقافه.. لكن ينبغي التعامل مع عقل المتابع باحترام, فليس سامي فارع هو الفاسد الأوحد في مؤسسات عدن, كما أن البعد السياسي واضح جدا في قرار إيقافه لا سيما وان الجهة المشرفة عليه وهي وزارة النقل التي يرأسها الوزير الاشتراكي الدكتور واعد باذيب أبدت تمسكها به ورفضت قرار إيقافه, ولكن لأن باذيب اشتراكي ايضا فلن يكون قويا في مواجهة محافظ عدن.
إخلال بالتوازن.

 

لا شك أن تقاسم حزبي المؤتمر والاصلاح لكعكة السلطة واعطاء الاشتراكي الفتات منها قد أخل بالتوازن السياسي.. ولا أحد يدري ما هو الهدف من اضعاف الحزب الاشتراكي لهذه الدرجة وتوقيف عدة قرارات جمهورية كانت تنتظر توقيع هادي فقط بعد أن استكملت كافة اجراءاتها، وبين هذه القرارات تعيين وكلاء ووكلاء مساعدين في حين ان الاصلاح والمؤتمر عينوا في مراكز محافظي محافظات.


إضعاف الاشتراكي لن تستفيد منه سوى القوى التقليدية في صنعاء التي تفضل الاحتفاظ بلقب الشريك للحزب الاشتراكي في حين لا تعطيه امتيازات هذا اللقب بشكل حقيقي.


الثور الأبيض


وإذا لم يتنبه الحزب الاشتراكي لعملية إقصاء كوادره ويتخذ قرارات حاسمة ليس أقلها تعليق عمله في الحكومة ما لم يفرج عن قراراته المحتجزة في دهاليز مكتب الرئاسة ويتوقف الاقصاء الممنهج لكوادره المعينين بقرارات جمهورية ويتم ايقافهم بقرارات محافظين, فإن هذا الحزب سيجد نفسه يتجه الى الهامش خطوة بخطوة حتى يصل فتاته إلى الحضيض, بعد أن وصل إلى درجة أقل بكثير من الحصة الممنوحة للمؤتمر الشعبي العام الذي كان المراقبون يتوقعون أن تكون كوادره ومواقعه الأكثر تضررا من العملية السياسية بعد ازاحة رئيسه علي عبدالله صالح.

*من عبدالرحمن أنيس