آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-09:01م

ملفات وتحقيقات


تحليل : من يطلق النار على الحدود اليمنية السعودية؟

الأربعاء - 16 أبريل 2014 - 11:04 ص بتوقيت عدن

تحليل : من يطلق النار على الحدود اليمنية السعودية؟
جنود من حراسة الحرس السعودي على الحدود اليمنية السعودية

*القسم السياسي بصحيفة عدن الغد

أعلنت السلطات السعودية يوم الاثنين مقتل جندي وإصابة أخر بإطلاق نار كثيف من قبل مسلحين من الجانب اليمني في الحدود المشتركة بين البلدين بمنطقة "جيزان".

هذا الحادث هو الثاني خلال الأسبوع حيث جاء بعد حادث مماثلة ولأول مرة منذ سنوات تقع مثل هذه الحوادث الأمر الذي يطرح سؤال غاية في الأهمية .. ترى من هي الجهات التي يمكن لها ان تكون خلف عمليات الهجوم المسلحة ضد جنود سعوديين على الحدود اليمنية .

 

طوال سنوات مضت كانت الحدود اليمنية السعودية مسرحا لعمليات تهريب واسعة النطاق يقوم بها مهربون يقومون بتهريب الآلاف من البشر والقات وغيرها من اليوم الواحد.

وعرف عن المهربين الذين ينشطون على طول هذه الحدود التي تمتد لـ 1500 كيلو متر بأنهم لايمارسون العنف ولايستخدمون السلاح لإدراكهم العميق ان إي عملية استخدام لأسلحة يمكن إلا تجذب المزيد من أنظار الحكومة السعودية وتعزيز وتشديد رقابتها على طول الشريط الحدودي .

يوم الثلاثاء 15 ابريل 2014 قدمت وزارة الداخلية السعودية  روايتها الرسمية لواقعة مقتل جندي من أفراد الحرس السعودي هو الثاني  خلال أسبوع وجأت  الرواية كالتالي :

صرح اللواء منصور التركي المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية، بأنه «عند الساعة الثانية صباح، أمس (الاثنين)، وأثناء قيام دوريات حرس الحدود بمركز حمر بقطاع الدائر بمنطقة جازان بأداء مهامها على حدود المملكة العربية السعودية مع اليمن، تعرضت لإطلاق نار كثيف من مجهولين داخل الأراضي اليمنية مما اقتضى الرد على مصدر النيران بالمثل، ونتج عن تبادل إطلاق النار استشهاد الجندي أول محمد بن علي هادي خبراني، تغمده الله بواسع رحمته، وتقبله من الشهداء، وإصابة الجندي محمد بن عبده محمد العذيقي ونقله إلى المستشفى لتقلي العلاج والرعاية الطبية».

 

يمكن للمتابعين فهم الكثير مما ورد في الرواية السعودية للحادث فالسلطات السعودية تقول ان إطلاق النار تم من الجانب اليمني ولم يكن خلال محاولة ضبط مهربين أو ضبط محاولة تسلل أو خلافه الأمر الذي يعني ان إطلاق النار هو عملية هجوم مسلحة نفذتها جهة لم يكن الهدف منها تجاوز الحدود بقدر ما كانت عملية هجوم مسلحة تستهدف جنود حرس الحدود السعودية .

من يطلق النار ؟

يطرح تجدد واقعة إطلاق نار تجاه حرس الحدود السعودي سؤال بالغ الأهمية وهو من يطلق النار باتجاه الجنود ولماذا في هذا التوقيت بالذات وهل هنالك نية لفتح معركة مسلحة تكون القوات السعودية احد أطرافها ؟

للإجابة على هذا التساؤل يمكن استعراض خارطة الحالة السياسية في اليمن لتحديد الجهات التي يمكن لها ان تكون متورطة في أعمال الهجوم هذه .

تسلسل زمني :

-    قبل أشهر من اليوم تمكنت جماعة الحوثي من تحقيق انتصارات كاسحة ضد بيت ال الأحمر وتحديدا أسرة الزعيم القبلي البارز "عبدالله بن حسين الأحمر" الذي كان احد ابرز الموالين للحكومة السعودية قبل ان يتحول عدد من أبنائه إلى ابرز رموز نظام جماعة الإخوان المسلمين في اليمن الأمر الذي ولد حالة من العداء والجفاء بين السعودية .

 

-    أعلنت السعودية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في حين تتمتع هذه الجماعة بحضور سياسي قوي في اليمن وتتمثل بحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يعد احد ابرز القوى السياسية الحاكمة في اليمن الأمر الذي أدى إلى تفاقم توتر الأوضاع بين المملكة العربية السعودية وحزب الإصلاح في اليمن .

 

-    أوائل مارس 2014 تمكن الحوثيون من التقدم إلى نقاط قريبة من العاصمة اليمنية صنعاء وتمكنوا من محاصرة محافظة عمران احد أخر معاقل بيت ال الأحمر وحزب الإصلاح في أقصى شمال اليمن .

 

-    اوائل ابريل حاولت قوى موالية لحزب الإصلاح الاستنجاد بالجيش اليمني للدخول في مواجهات مسلحة مع جماعة الحوثي وهو الأمر الذي رفضته قيادة الجيش ورفضه الرئيس "عبدربه منصور هادي".

 

-    قبل يوم واحد من مقتل جندي سعودي تصاعدت حدة التوتر بين الرئيس هادي ووزير دفاعه من جهة وقوى سياسية من الإصلاح واللواء الأحمر على خلفية رفض دعوات الزج بالجيش في مواجهات عمران .

-        تشهد العلاقة بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية حالة من الهدوء النسبي.

الأطراف المحتملة تطورها في عملية إطلاق النار على جنود الحرس السعودي

يمكن توصيف العلاقة السعودية بالقوى السياسية المختلفة في اليمن بأنها علاقة تحكمها حالة من الاضطراب وتبادل المصالح المشتركة بين الطرفين .

يستعرض القسم السياسي بصحيفة "عدن الغد" هنا ملامح هذه العلاقة والأطراف المحتمل تورطها في هذه الهجمات

-        الحوثيين

خاض الحوثيين في الأعوام السابقة معارك شرسة مع القوات السعودية بالقرب من جبل الدخان وسادت العلاقة بين الطرفين حالة من التوتر انتهت قبل أشهر إلى إعلان المملكة العربية السعودية للجماعة على أنها جماعة إرهابية .

ومنذ توقف الحرب في صعده قبل سنوات من اليوم دأبت جماعة الحوثيين على تركيز كل جهدها السياسي لتحقيق انتصارات ميدانية على الأرض في مواجهة غرماء محليين وسعت في سبيل ذلك إلى التوسع بمناطق باتجاه العاصمة اليمنية صنعاء .

 

يرى كثيرون ان ليس من مصلحة الجماعة بالمطلق فتح ثغرة صراع مسلحة على الجانب السعودي لأنه وفي حال ثبت تورطها في الهجمات الأخيرة قد يعني ان العلاقة بين السعودية والحوثيين قد تتحول إلى قيام المملكة بالضغط على الحكومة لتحريك الجيش اليمني وميليشيات قبلية لخوض صراع مسلح مع الحوثيين وهو الأمر الذي هم في غنى عنه حاليا .

 

تركز الجماعة جهودها ونشاطها السياسي الميداني حاليا لتحقيق مكاسب على الأرض في مناطق محافظة عمران وهمدان وتسعى لبسط سيطرة مطلقة على محافظة عمران احد أخر معاقل حزب الإصلاح واسرة "ال الأحمر" في أقصى شمال اليمن .

ليس من المقبول ولا من المستحب ان تذهب الجماعة إلى فتح صراع جديد مع المملكة العربية السعودية على الشريط الحدودي لذلك فان احتمالات تورط الحوثيين في هذه الهجمات ضعيفة للغاية .

تنظيم القاعدة

يعد تنظيم القاعدة في اليمن احد ابرز التنظيمات المناوئة للحكومة السعودية وتمكن التنظيم خلال السنوات الماضية من تنفيذ عدد من العمليات المسلحة ضد أهداف سعودية لكنه لم ينفذ قط إي هجمات ضد حرس الحدود السعودي .

 

يستبعد كثيرون ان تكون القاعدة هي من تقف خلف الهجمات التي تستهدف حرس الحدود السعودي حيث انه عرف ان هذه الجماعة تعلن مسئوليتها عن هجمات كهذه في حين مر على مقتل الجندي الأول من حرس الحدود السعودي أكثر من أسبوع دون ان تعلن إي جهة مسئوليتها عن الحادث .

 

يضاف إلى ذلك ان القاعدة دأبت على مهاجمة مراكز  عسكرية هامة وحساسة سوى في اليمن أو السعودية ولايمثل الهجوم على دورية حراسة امر ذو أهمية للتنظيم المسلح .

-جهات مرتبطة بالحكومة اليمنية

أكدت الحكومة اليمنية أكثر من مرة على عمق العلاقات السياسية بين المملكة وبينها واتسمت العلاقة بالمجمل بين السعودية بالهدوء خلال السنوات الماضية والتجانس بخصوص الكثير من القضايا السياسية الدولية .

 

لا تتوفر عناصر تورط جهات حكومية أو على صلة بالحكومة في هذه الهجمات التي أودت بحياة عدد من الجنود الحكوميين السعوديين لذلك فان فرضية ان يكون إطلاق من الجانب الحكومي اليمني فرضية ضعيفة للغاية .

-        الإخوان المسلمون في اليمن ( حزب الإصلاح)

يمكن ان تكون فرضية تورط قوى على صلة بحزب الإصلاح وبيت آل الأحمر بهذه الهجمات المسلحة احد أقوى الفرضيات التي يمكن طرحها للرأي العام ويمكن القبول بها .

 

خلال الأشهر الماضية تمكنت جماعة الحوثي من تحقيق الكثير من الانتصارات على الأرض في مواجهة ميليشيات حزب الإصلاح ( الإخوان المسلمين) وبيت ال الأحمر ، استغلت حركة الحوثي حالة من القطيعة بين المملكة العربية السعودية وحزب الإصلاح وبالتالي قامت بدفع الآلاف من عناصرها لتحقيق مكاسب على الأرض .

 

تزامن التحرك الحوثي على الأرض مع غض طرف سعودي لما يحدث لحلفاء قدماء في شمال اليمن ، حاولت قوى الإصلاح والقوى المرتبطة بها محاولة تحريك الجيش في مواجهة جماعة الحوثي إلا أنها لم تتمكن من ذلك حيث رفضت الحكومة هذا التحرك الأمر الذي جعل قوى الإصلاح والقوى الموالية لها في ورطة سياسية وميدانية على الأرض .

 

تضع احتمالات محاولة القوى الموالية للإصلاح نقل المعركة من صنعاء إلى الحدود السعودية واردة للغاية حيث أنها بعملية نقل المعركة إلى الحدود السعودية ستحاول إيصال رسائل سياسية عدة بينها ان إضعاف الإخوان المسلمين وتحديدا حزب الإصلاح والحليف القديم بيت ال الأحمر من شأنه جعل الحدود السعودية اليمنية غير آمنة .

 

يمكن لهجمات مسلحة وحالة من الإقلاق للوضع على الحدود السعودية اليمنية ان تسلط الأضواء بعيدا عن الصراع السياسي المسلح على حدود العاصمة اليمنية الأمر الذي من شأنه ان ينهي حالة إدارة الظهر التي أبدتها السعودية خلال الأشهر الماضية للمعارك الدائرة على تخوم العاصمة اليمنية صنعاء .

أطراف موالية لنظام الرئيس اليمني السابق

يمكن ان يكون لفرضية تورط الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" وأطراف موالية له في هذه الهجمات المسلحة على حرس الحدود السعودية قبول كبير من قبل كثيرين .

 

رغم تنحي الرئيس اليمني السابق عن الحكم في العام 2011 إلا انه لايزال وحتى اليوم لايزال احد ابرز الجهات الفاعلة والمؤثرة التي تلعب وبقوة في اليمن وبشكل كبير .

 

يتهم صالح ونظام حكمه في اليمن بأنه يقف خلف الكثير من الاختلالات التي تعاني منها اليمن منذ العام 2011 وحتى اليوم .

 

يمكن ان يكون لنظام صالح ان يكون متورطا في الهجمات المسلحة التي تشن ضد حرس الحدود السعودي بهدف إلقاء اللائمة لاحقا فيها على الأطراف المحلية المناوئة لها وأبرزها حزب الإصلاح في اليمن والقوى التقليدية الأخرى مثل بيت "آل الأحمر ".

 

قد يتمكن نظام صالح من تحقيق مكاسب سياسية عدة في حال إيهام المملكة العربية السعودية بان الأطراف المناوئة له في حزب الإصلاح هي من تقف خلف هذه الهجمات لذا فان فرضية تورط أطراف موالية له في هذه الهجمات فرضية قائمة وبقوة .