آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-09:04م

لهجة دثينة ..

الجمعة - 10 مايو 2024 - الساعة 09:35 م

ناصر الوليدي
بقلم: ناصر الوليدي
- ارشيف الكاتب




*١) لهوة*
إذا سألت الجيل الجديد من أبناء دثينة ماهي اللهوة؟
فلن تجد من يعرفها، بحكم التدفق اللغوي الجديد الذي وفرته وسائل الإعلام ومناهج التعليم الحديثة، بينما إذا سألت عجوزا أو شيخا كبيراً فستجد عنده الجواب الشافي وبدون أدنى بحث أو سؤال.
أتذكر عندما كنت طفلا في القرية كان من طعامنا نوع يسمى ( المخلم) أو ( الرهي) وصناعة هذا الطعام تمر بمراحل وأولها طحن الحب على حجر مستطيل نسميه( المرهاة) وهي أشبه بالرحى التي تطحن الحبوب.
وكنت كثيراً ما أسمع من الوالدة حفظها الله كلمة *( لهوة)* وتقصد بها قبضة الكف من الحب الذي تلقيه على سطح المرهاة تمهيداً لطحنه.
فهل كلمة *لهوة* هذه فصيحة ولها أصل عربي صحيح ؟
كل الطلاب الذين درسوا الأدب الجاهلي لاشك أنهم درسوا معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي والتي مطلعها

ألا هبي بصحنك فاصبحينا
ولا تبقي صحون الأندرينا
.
حتى يقول:
مَتى نَنقُل إِلى قَومٍ رَحانا
يَكونوا في اللِقاءِ لَها طَحينا

يَكونُ ثِفالُها شَرقِيَّ نَجدٍ
*وَلُهوَتُها* قُضاعَةَ أَجمَعينا

وكأن الشاعر هنا يصف طحن الحب وكيف يوضع في الرحى، ثم يقول بأن قبيلة قضاعة ستكون ( لهوة) في الرحى أي قبضة من الحب الذي تطحنه قبيلة تغلب.
وجاء في القاموس:
*اللُّهْوَةُ* :ما يلقيه الطاحنُ من الحَبِّ في فم الرحى بيده.
................

وهذا يقودنا إلى الكلمة الثانية وهي :

*٢) تفال*
والتفال في لهجة دثينة عبارة عن بساط أو سفرة مصنوعة من عزف النخيل، ينطقونها بحرف التاء والصحيح أنها بحرف الثاء فتنطق هكذا *( ثفال)*
وقد ذكر التفال أو الثفال في أبيات عمرو بن كلثوم السابقة:

مَتى نَنقُل إِلى قَومٍ رَحانا
يَكونوا في اللِقاءِ لَها طَحينا

يَكونُ *ثِفالُها* شَرقِيَّ نَجدٍ
وَلُهوَتُها قُضاعَةَ أَجمَعينا

وذكرها أيضا زهير في معلقته بقوله :

فتَعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحَى *بِثِفَالِها*
وتَلْقَحْ كِشَافاً ثم تُنْتَجْ فتُتْئِم

وفي قاموس الصحاح:
الثفال
جِلْدٌ يبسط فتوضع فوقه الرَّحَى... ليسقط عليه الدقيق.

وقد ذكر الثفال في لغة العرب كثيرا
منها قول الفرزدق:
فَبُدّلْتُمُ جَوْدَ الرّبِيعِ، وَحُوّلَتْ
رَحىً عنكُمُ كانَتْ مُلِحّاً ثِفالُها
وقوله:
إذا ما رَحىً زَالَتْ بِقَوْمٍ ضَرْبْتَها
على الدينِ حَتى يَسْتَقِيمَ ثِفالُها

وقوله أيضاً:
فإنّك قَدْ بَلَغْتِ، فلا تَكُوني
كَطاحِنَةٍ وَقَدْ مُلِئَتْ ثِفَالا

وفي حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنه: وتدقهم الفتن دق الرحى بثفالها.
.