آخر تحديث :الثلاثاء-21 مايو 2024-12:44ص

الإضراب المفتوح

الثلاثاء - 30 أبريل 2024 - الساعة 04:54 م

عبد العزيز عسكر
بقلم: عبد العزيز عسكر
- ارشيف الكاتب


أحاول في هذه المقال الإجابة عن السؤال ، هل يجب على العمال المضربين الحضور لمكان العمل والتوقيع على حوافظ الدوام ؟
الإضراب هو التوقف الجماعي عن العمل, وهو إجراء قانوني يلجأ إليها العمال بهدف الضغط على رب العمل لتلبية مطالبهم المشروعة. ويأخذ الإضراب شكلا تدريجيا يبدأ برفع الشارات الحمراء ثم الإضراب الجزئي أو الاعتصام ثم الإضراب المفتوح والتوقف عن مزاولة العمل .
لقد نصت المادة رقم (148 ) من قانون العمل والخدمة المدنية الفقرة (2) بشكل واضح وصريح على حق العمال في الإضراب وحذرت أرباب الأعمال من تطبيق أية عقوبات عليهم بسبب ممارستهم للإضراب أو الدعوة إليه بما فيها الفصل من العمل.
( لا يجوز فرض عقوبات على العمال أو بعضهم بما في ذلك الفصل من
العمل بسبب ممارستهم للإضراب أو الدعوة إليه.. )
إن الذين يشترطون على العمال المضربين الحضور إلى مرافق أعمالهم والتوقيع على حوافظ الدوام الرسمي، لا يفقهون شيئا في قوانين العمل والخدمة المدنية، ويزداد الأمر سوءاً حينما يقررون فصل الموظف إستنادا إلى مواد العقوبات الجزائية ضد الموظف المنقطع عن العمل لفترة تزيد عن ٢١ يوما ، ان هذه المادة لا يصح تطبيقها على العمال المضربين، لإنها تخص حالات انقطاع الأفراد عن العمل و تشترط ان يكون الإنقطاع بدون عذر يبرر غياب الموظف كمرض أو إصابة او نحوه، أما الاضرابات فعلاوة على أنها ممارسة جماعية وليست فرديه، فأنها مكفولة بنص القانون.
إن قانون العمل والخدمة المدنية أكد على ان ممارسة الإضراب حقاً مشروعاً للعمال، وحذر أرباب الأعمال من اتخاذ أي عقوبات ضد العمال المضربين، ولم يقتصر التحذير على الأفعال فحسب بل شمل أيضاً التهديد بالأقوال أو إكراه الموظفين على العمل طالما وظائفهم لم ترتبط بالأمن والسلامة والإنتاج كعمال المطافئ والمستشفيات والمخابز وتغذية الدواجن وغيره .
لقد تناهى القانون في التشديد وتحذير ارباب العمل من استغلال العمال المضربين، فقد منع ارباب الأعمال من الاستعانة بعمال أخرين بدلأ عن العمال المضربين لتسيير أعمالهم مثلا حتى انتهاء الإضراب، جاء في المادة (١٥٦) الفقرة ٤: ( يعاقب بغرامة مالية لا تزيد على (15.000) خمسة عشر ألف ريال كل صاحب عمل أو من يمثله قام بتشغيل عمال جدد بدلاً عن العمال
المضربين إضرابا مشروعاً وفق الشروط والضوابط المنصوص عليها )
إن هذا الفقرة على أهميتها في تحذير ارباب العمل من استخدام العمال البدلاء، فقد أشارت بشكل ضمني إلى أن الإضراب يشمل عدم الحضور لمكان العمل، إذ كيف سيتسنى للعامل البديل مزاولة العمل في حالة وجود الموظف المضرب فوق عمله.
.إن المشرع يقدس حرية العمل ويعتبر المساس بحرية العمل خطاءً جسيما، سواء كان الخطأ صادرا من رب العمل أو من العمال المضربين. فكما حفظ للعمال المضربين حقهم في ممارسة إضرابهم دون إكراه أو تهديد ،فإنه بنفس الدرجة يمنع العمال المضربين من المساس بحرية زملائهم الراغبين بالإلتحاق بمكان العمل و ممارسة نشاطهم المعتاد, فقد جأء في المادة رقم (١٤٩):* (المساس بحرية العمل خطأ جسيم يعاقب عليه، ويعد في ذلك كل فعل ياتيه العمال المضربون يكون من شانه أن يمنع أي عمال أخرين أو صاحب العمل أو من يمثله من الالتحاق بمكان العمل او ممارسة نشاطهم المعتاد سواء كان بالفعل أو بالتهديد او العنف أو الاعتداء أو احتلال مكان العمل ).
ان هذه الدلالة كاملة الوضوح تفيد ضمنا أن الإضراب هو الامتناع عن الحضور لمكان العمل، فالمشرع يأخذ في الحسبان إن الموظفين المضربين غير ملتحقين بمكان العمل ولذلك يحذرهم من عرقلة زملاءهم غير المضربين ، أو منعهم من الوصول لمكان العمل أو احتلاله ، مايفيد إن الإضراب هو عدم حضور العمال لمكان العمل .
ان السوابق التاريخية في اليمن يدعم ذلك الفهم أي عدم الحضور لمكان العمل، فقد توقف الناس عن الحضور لمقرات عملهم عام 2011م لأكثر من شهر ولم تتخذ ضدهم أي عقوبات، كما إن مجلس القضاء الأعلى -أرفع سلطة قضائية يقتدى بها في تطبيق القانون- قد مارس الإضراب على النسق الذي عليه المعلمين اليوم ، التوقف عن مزاولة أعمالهم وعدم الحضور إلى مقار أعمالهم .
الإضراب هو ممارسة سلمية جماعية مكفوله بالقانون، هدفها الضغط على أرباب العمل لتحصيل حقوق العمال، ومن هذا المنطلق جاز للموظفين ممارسة أي سلوك سلمي من شأنه عرقلة سير العمل، وزيادة الضغط على رب العمل لتلبية مطالبهم.