آخر تحديث :الخميس-09 مايو 2024-12:58ص

الأمان الوظيفي

السبت - 27 أبريل 2024 - الساعة 08:31 ص

سماح عملاق
بقلم: سماح عملاق
- ارشيف الكاتب


قد تبدو عبارةً عابرة، لكنها ليست كذلك؛ لأن "الأمان الوظيفي" يجعل نفسية الموظّف مرآةً لأدائه وعطائه وتفانيه وإتقانه وولائه لجهة العمل، لكنه مفقودٌ مفقودٌ مفقوود، يا ولدي!
يؤسفني هذا القول، لكن معظم المؤسسات المحلية اليمنية لازالت تغفل أهمية أن يشعر موظفوها بالاستقرار وعدم القلق، بل وتتفنن في إثارة مكامن الحيرة والترقّب لأي قرارٍ إداري؛ قد يهدّ سقف بيت الموظف، فجأة!.
تتعامل بعض هذه المؤسسات مع الموظف على أنها ابتاعتْهُ من سوق النخاسة، فتجدها تحتكر عقلهُ وطموحَهُ، ولا تحترم خصوصيتَه وأفكارَه ورؤاه وانحيازاته الشخصية، فتراقبهُ وتضعهُ تحت مجهرها؛ كأنّهُ متّهمٌ بجريمةٍ لم يرتكبها بعد! ويعيش الموظف مُصادر الحرية والإرادة، من أجل لقمة العيش.
ربما، كنتُ الأكثر حظًا بالفرص التي حصلتُ عليها، إما لأني امرأة، وشعبنا يحترم النساء ويتلطّف معهنّ، وإما لأني مخلصة، فيعجبهم عملي وانغماسي الكامل فيه، لكن القيد لازال قائم، بسبب طموحي ورغبتي الدائمة في التعلّم، ولأني عشتُ كطائرٍ بجناحين، أحافظ عليهما؛ حتى وإن خسرتُ ما خسرت.
مؤخرًا.. بدأت بعض المؤسسات تنتبه لأهمية الأمان الوظيفي، وكيف ينعكس على أداء الموظف، لكنها - ويا للأسف- لم تصدق فيه، كونها تبيع السراب للموظف، بمعنى.. أقوال دون أفعال، وهذه جريمة نفسية ترتكبها الإدارة بحق موظفيها، لأن الصدق مهما كان جارحًا فهو صحيّ، وأما الوهم فيهدّ الحيلة، وهي أثمن ما يملكه الشعب اليمني، الذي يعيش بها في هذه الأزمات.
الأمان الوظيفي، يعني أن توفر المؤسسة عقود عمل يضمن حق الطرفين، وتوصيف وظيفي يحدد مهام الموظف، والالتزام به دون تعدّي، وتوفير راتب كافٍ يغني الموظف عن أي فرصة أخرى تستنزف طاقته.
الأمان الوظيفي يعني أن تُراعي الإدارة ظروف الموظف الشخصية، والعوائق التي يمرّ بها مع عائلته، أن تعطيه الإجازات المتاحة حسب القانون، وأن لا تغلق الأفق أمامه، وأن تعدّ نجاح الموظف الشخصي نجاحًا لها، لا أن تحاربَه.
يعني أن تصدُقَ المؤسسة مع الموظف في ظروف عملها وعُمر الوظيفة، ودخْلها، وشروطها منذ مقابلة العمل، لا أن تستقطب الموظف بالوهم، ثم تصدمه بواقع لم يحسب له حساب.
يعني أن تطوّرَه وتعلّمه وتغفر زلّاته حتى يتشرب أسلوب العمل، وأن تمدّه بالفرص التي تحسّن من خبراته، وأن لا تجبره على التطبيل لها دون قناعة، وأن تستوعب أنها حياة الموظف العملية، وله حيوات أخرى ملكه وحده، علمية واجتماعية وسياسية وما يشاء.
دعونا نتبادل التجارب..
هل حصلتَ من قبل على ما تشاء، هل شعرتَ -يومًا -بالأمان الوظيفي؟
ملحوظة..
لو كنتَ تحت مجهر إدارتك، أوبه تنثّر، لقمة العيش صعبة يا ولدي.