آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-01:47م

مراحل تطور الأغنية في أبين توثيق للتراث على طريق الاعتراف بالأغنية الأبينية

الجمعة - 26 أبريل 2024 - الساعة 09:35 م

زاهر علي محمد
بقلم: زاهر علي محمد
- ارشيف الكاتب




بعد مضي أكثر من عامين على رحلة البحث في تفاصيل المخزون التراث الفني والثقافي الذي يميز محافظة أبين كمحافظة ذات طابع فني مختلف لا يتشابه مع غيره من الألوان الفنية الأخرى

نجح الشاب الموسيقي وسيم صالح في إصدار الكتاب الذي وثق من خلاله تاريخ أبين الفني في مراحل مختلفة، وجمع الموروث الثقافي المتنوع في جميع المناطق قبل أن يتمكن من إصداره أخيرا تحت عنوان مراحل تطور الأغنية في أبين



وبعد تجاوز الجهد البحثي والتنقيب من قبل الباحث لم يكن بالسهولة عليه أن يتبنى طباعة الكتاب بمفرده الأمر الذي شكل عائقا مثل وجوده تحديدا كان بإمكانه إعاقة المشروع وتوقفه لولا وجود الاهتمام الكبير والتشجيع من قبل رجل المحافظة الأول ومدير أمنها العميد أبو مشعل الكازمي الذي كان حاضرا وداعما للبحث الفني والثقافي في محافظته التي يعي جيدا أهمية التوثيق لتراثها وموروثها.


وحده الكازمي كان قريبا من الابداع والمبدعين وسخر كافة إمكانياته لدعم هذا الجهد العظيم على الرغم من المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه كمدير لأمن المحافظة


ولأن الرجل ليس بحاجة إلى التلميع والأضواء كان موقفه الداعم للشباب وحرصه على اسنادهم سببا رئيسيا في ذكره والاشادة بموقفه الذي سيعمل على تخليد اسمه بحروف من نور كأبرز الداعمين للابداع والمبدعين في محافظة أبين


وبعد اتمام عملية الطباعة والتجهيزات النهائية ننتظر بشغف كبير صدور الكتاب الذي تبنت الهيئة العامة للكتاب والمكتبة السلطانية في حضرموت وضع رقم الإيداع له وطباعته في مطبعة الوراق بمحافظة عدن ، ليس حدث عاديا بالنسبة للمهتمين بتراث أبين وتاريخها الفني ، لكنه بداية لتوثيق تاريخ ظل مغيبا أو منتسبا لألوان غنائية وفنية أخرى.

سيدرك المطلع على محتويات الكتاب مدى الجهد والمعاناة التي تكبدها الموسيقي الشاب أثناء إعداده له من خلال التركيز على أدق التفاصيل التي تبدو بسيطة في ظاهرها لكنها عظيمة في مضمونها كعظمة هذا الفن وروعته.

ومما لا شك فيه فإن القيمة الأدبية والفنية للكتاب عند جامعه كانت بحاجة إلى وجود لمسات تتماشى مع ظروف القراء واهتماماتهم الآنية وتمثل أحد عناصر الجذب الرئيسية لقراءته وهو ما كان موفقا فيه حين عمل على توزيع المهام الاخراجية الأخيرة على عدد من زملائه المبدعين.

وتولى مهمة التصحيح اللغوي الأستاذ والأديب الشاعر زاهر علي محمد.
تصميم الغلاف الأستاذ محمد شائع.
اللوحه للفنان التشكيلي وافي صالح علي.
التنسيق والإخراج الحاسوبي الاستاذ بدر سليم مركز الوهاج تيليكوم .
كتب مقدمة الكتاب الدكتور سعيد بايونس.
مداخلة تحليلية للباحث الموسيقار علي محمد عبيد الحاج.
رقم العضويه صادر عن الهيئة العامة للكتاب حضرموت في المكتبة السلطانية المكلا.

وكان لإشراك هذه الأسماء المثقفة في وضع اللمسات الأخيرة طابعا خاصا زاد من قيمة الكتاب الذي يحوي 900 صفحة وتتوزع أقسامه الستة على
1-  تمهيد عن محافظة أبين 
2- - مدخل تعريفي عن الكتاب
- لمحة موجزة عن مرحلة السائد التراثي .
3- الرقصات والإيقاعات .
- لمحة موجزة عن الأغنية الشعبية 
- فصل أغاني الصيادين.
- فصل أغاني الأعراس وأهازيج الزراعة .
- فصل شعراء الأغنية الشعبية في أبين الذي اقتصرت قصائدهم على المساجلات والسمرات .
4 -  لمحة موجزة عن الموسيقى
- نشوء وظهور الندوات والفرق الفنيه و الطلابيه في أبين .

5- شعراء الأغنية الحديثة أي المغناه بالطابع الحديث مع الموسيقى والذي تم توثيقها في الإذاعة والتلفزيون والإنتاج والتوزيع الفني (مرحلة النضج واالإكتمال ) 
- فصل فن المنولوج.
6- لمحة موجزة عن فناني أبين.


طيلة العامين الماضيين واجه الباحث والمعد لهذا الكتاب تحديات كبيرة وكثيرة خصوصا بعد تخلي المكاتب الحكومية في المحافظة وعدم تجاوبها مع فكرته التي كان يتطلب إنجازها ميزانية متكاملة تساعد في تسهيل عملية الإعداد للكتاب التوثيقي الذي يؤرخ لتاريخ فني ممتد لقرون وكان ينبغي للمكاتب الحكومية في المحافظة أن تتبنى مهمة إعداده كونها الجهات المعنية بالحفاظ على إرث المحافظة في كل المجالات . لكن وسيم كان حاضرا وغيورا على هذا الإرث الذي سيضمن جمعه المحافظة عليه من الاندثار.

خلال سنوات دراسته بمعهد الفنون الجميلة بدأ وسيم في رسم الفكرة الخاصة بإصدار الكتاب ومنذ بدايتها لم تكن الفكرة سهلة لشاب لا يمتلك سوى مرتب لا يتجاوز الستين ألف ريال الأمر الذي دفعه إلى التواصل مع مسؤولين محليين ومطالبتهم بتبني فكرته التي ستعود بالفائدة على المحافظة عموما. لكن الابواب جميعها أغلقت في وجهة ما جعله يقرر في خوض المغامرة وحيدا مكتفيا بعشقه للفن كميزانية كافية لاستمراره

كنت كلما استمعت للاغاني الأبينية أصاب بحسرة وأشعر كما لو أن صخرة تطبق على صدري وأنا أستمع إلى أغاني محافظتي تنسب لألوان غنائية أخرى دون ذكر اللون الأبيني ما يجعلني أتسآءل دائما ما الذي ينقص الفن الأبيني للاعتراف به كلون غنائي ذات طابع خاص لا ينتمي لأي لون آخر.

هكذا يصف وسيم بداية تكوين الفكرة في داخله وهي رؤية لا يستطيع لاي شخص رؤيتها لكن التكوين الفيسلوجي لوسيم صاحب الفكر الرقيق والموسيقي الذي يتنفس الموسيقي ويعيش بها كان مختلف عن الجميع واستطاع بإيمانه المطلق وعظمة رسالته أن يجعل من المستحيل ممكنا ومن الصعب سهلاً.

اليوم وبعد عامين من الجهد والعثرات يحق لنا جميعا في محافظة أبين الاحتفال بصدور هذا المنجز ووحده وسيم يحق له أن يكون المكرم. فالكتاب ليس عبارة عن أوراق ممتلئة بالكلمات وحسب بقدر ما هو تأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ الفن الأبيني الذي كان ولازال بعيدا عن اهتمام السلطات .ووحده وسيم من سيبقى شامخا وحاضرا لأجيال قادمة ومرتبط ارتباط وثيق بتاريخ الأغنية الأبينية ومراحل تطورها.


وختاما يجب أن نعترف بأن الاهتمام الذي أولاه مدير أمن محافظة أبين لم ينتهي عند تبني طباعة الكتاب فقط ؛ لكنه كان كريما بعطاءه وتكفل بمنح الباحث منحة دراسية في جمهورية مصر العربية لمواصلة تعليمه الفني تكريما لجهوده في إنجاز العمل البحثي ؛ وعلى الرغم من إصرار الموسيقي صالح على عدم الإفصاح بهذا التكريم ؛ إلا أن التطرق إليه كان حتميا ليعرف الجميع قيمة الكازمي وتعامله مع كل ابنا محافظته كأخوة وأقارب ؛ خصوصا وأن هذه المنحة جاءت بالنسبة لوسيم كبارقة أمل جديدة ظل ينتظرها أعواما طويلة منذ انهاءه لتعليمه ؛ ما يعني أن التهاني الأخيرة هنا ليست مقتصرة على الموسيقي وسيم صالح وحده ؛ لكنها تعم المحافظة بأسرها على وجود مسؤول فيها بهذه الصفات التي أظهرت الوجه الاخر للكازمي أبا واخا ومحبا ومثقفا ؛ إلى جانب ما هو معروف عنه كفارس وصنديد وقائد من طراز رفيع.