آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-02:21ص

قبل أن تحل الكوليرا

الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - الساعة 11:10 ص

عبدالجبار ثابت الشهابي
بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي
- ارشيف الكاتب



عبدالجبار ثابت الشهابي

‬‏يبدو أن الموت يريد مع سبق الإصرار والترصد أن يعسكر في هذا البلد، أسوة بمعسكره الأسود في بيت المقدس، وخصوصا في غزة ورفح، اللتين استأسد فيهما الطاعون الصهيوني، دون رادع يردع، ولا مانع يمنع، في زمن عنوانه الخذلان، والصمت المهين..
وفي هذا البلد الحبيب، المنكوب بعقليات الظلاميين؛ الذين لم تجد معهم جهود المجتمع الدولي، ولا وساطات الدول، ومنها الدول الكبرى، هاهو الموت يأتينا من كل حدب وصوب، بدءا بخرق الهدنة، كل يوم، وفي كل الجبهات، ومرورا بترك المواطن نهبا للفقر، والجوع، والأمراض المهلكة، وذلك بإصرار هذه العقلية (الظلامية) العنيد على استمرار الحرب، واستمرار هدم الاقتصاد، ومنع الناس من البحث عن الممكن من سبل العيش، في هذه الظروف، ومنع أي إمكانية ولو من منظمة الصحة العالمية؛ لمكافحة الأوباء القاتلة، من كوليرى، وحصبة، وجدري، وشلل الأطفال، والسل، وغيرها من الأسقام القاتلة، التي صارت تنهش فيما بقي من أجساد المواطنين؛ الذين يسحقهم الجوع، وسوء التغذية.
ولا عجب أن تأتي تحذيرات المنظمات الدولية، ومنها ‏منظمة الإغاثة الإسلامية لتؤكد إن معدلات سوء التغذية في اليمن تعتبر من أعلى المعدلات على الإطلاق، وأن هذا البلد يعاني من أكبر أزمة للأمن الغذائي على مستوى العالم كله، إذ يبحث أكثر من 20.7 مليون شخص من الفقراء عن قوت يومهم، بشق الأنفس، إلى درجة أن طفلا واحدا يموت كل 10 دقائق في هذا البلد المنكوب، بسبب الجوع وحده، فضلا عمن يموتون كل يوم جراء الأسباب الأخرى.
لقد طالت قائمة أسباب الموت في هذه البلاد، واستطالت، وٱخرها مايجري من انتشار متسارع لمرض الكوليرى القاتل، ولاسيما في بعض المحافظات الزراعية التي يسيطر عليها الإنقلابيون، جراء منع جماعة الحوثي أية جهود لإعطاء جرع الوقاية والتحصين ضد هذا اىمرض، وغيره من الأسقام.
لذلك، لابد من جهود وتدابير وقائية؛ لحماية العاصمة المؤقتة عدن، وما حولها، وخصوصا أن تلك المحافظات الواقعة بالأصل تحت سيطرة الحوثة؛ تعتبر المصدر الأكبر لمعظم الاحتياجات الزراعية للعاصمة المؤقتة، وقبل أن يعم البلاء، ويقع الفأس في الرأس.
وعلينا بالمناسبة أن نتذكر مافعله هذا الداء مع نهاية السبعينات، وكم فقدت عدن من الرجال والنساء والأطفال، مع ماكانت الجهات المختصة حينها قد أبدته من الجهود المخلصة، والحرص الشديد، ومن اليقظة العالية في مواجهة هذا الداء الخطير، والذي يباغت المصاب فجأة، وقد يقتله خلال وقت وجيز جدا، وخصوصا إذا صادف أن المصاب كان وحيدا لأي ظرف، ولم يكن بإمكانه التواصل مع الٱخرين.