آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-10:11م

بناء الجيوش

الجمعة - 19 أبريل 2024 - الساعة 09:05 م

مشتاق العلوي
بقلم: مشتاق العلوي
- ارشيف الكاتب





إن بناء الجيوش على أُسس وأُطر مناطقية، أو حزبية، أو شخصية يجعل من تلك الجيوش، في قابلية تامة للهدم والتبعثر، في اي وقت وفي أي مكان، وهذا ما شاهدناه وتعايشنا معه، خلال الأحداث التي دارت وما زالت تدور في بلادنا الحبيب (اليمن) بشكل عام.
جميعنا شاهدنا عبر الإعلام المرئي تلك العروض العسكرية التي كان يقيمها عفاش في عدة محافظات، ولطالما تفاخر بها إعلام النظام العفاشي عبر قنواتهم المرئية والمسموعة ليلًا ونهارًا، وكان لُب كلامهم ان هذا الجيش هو حامي العرين وصمام أمن دولتنا المجيدة، وكنا نصدق تلك الهرطقات والفقاعات الإعلامية الدعائية. 
ولكن عندما اجتاح الحوثيين المحافظات الشمالية بداية من محافظة عمران، لم نسمع أو نرى اي مواجهة تمت، او تصدي من قِبل جيشنا الجرار، لتلك المليشيات الإرهابية، بل وصل الحال إلى تحول بعض الالوية والكتائب إلى مليشيات حوثية، قامت بالقتال تحت إمرة الجماعة.
حتى وصل بنا الحال إلى أندلاع حرب 2015، وعندها تحول الجيش اليمني بكافة تشكيلاتة ووحداته إلى حوثيين، لقد قامو بخلع الزي الرسمي العسكري واستبدلوه بثياب مدنية واعلنوا الصرخة من كل معسكرات الجيش اليمني.
تخيلوا أن جيش بكامل عدته وعتاده تحول في ليلة وضحاها إلى مليشيات إرهابية، وكل ذلك فقط بأمر من خلال إتصال هاتفي من شخص قد تنحى عن السلطة، ولا ينتمي للجيش باي صلة؛
نعم إنه الهالك عفاش ذلك المخادع المكار، الذي أوهم الشعب اليمني برمته، إنه قد بنى جيش وطني مجمل ولاءه للوطن وللوحدة والجمهورية، والحقيقة قد تفنن ذلك العجوز عبر خطاباته في ذلك الجانب، وقدر على إقناع الشعب بتلك الاكذوبة المزيفة، ولكن ما تبين في 2015 انه كاذب ومخادع؛ لقد عمل عفاش على بناء جيش عائلي مُشبع بالمناطقية والحزبية والشخصنة العمياء، يأتمر ذلك الجيش بأمر شخص من الجانب القبلي. 
وبهذا قد أثبت لنا عفاش وجيشة العائلي ان الجيوش التي تُبنى على أُسس شخصية او حزبية، يكون مصيرُها  الهلاك والتبعثر والتفكك.
وإنه من الضروري والإلزامي في بناء الجيوش أن يكون ولاء الجيش لله سبحانه وتعالى أولاً ثم للوطن وترابه.
وها نحن على سياق بناء جيش دولتنا الجنوبية المنشودة، وأنا أحد أفراد ذلك الجيش، ولا أخفيكم سرًا لقد سنحت لي المرحلة، أن اتنقل في عدة معسكرات وفي مختلف التشكيلات، واهمها:
قوات العمالقة الجنوبية- الحزام الأمني - الوية الصاعقة- الالوية البرية - قوات درع الوطن، وكل ذلك منذ عام 2017 إلى يومنا هذا.
ولكنني خلال تواجدي في كل المعسكرات المذكورة أعلاه، قد شاهدت الطريقة التي تتم بها بناء الالوية ضمن تشكيلات عده، وللأسف الشديد أنها نفس الطريقة والنظام الذي استعمله عفاش ونفس السيناريو، فكل جيشنا الجنوبي بكامل تشكيلاته مبني على أُسس واُطر مناطقية، وعنصرية، وكأنّ الوطن المنشود، مقتصر على فئة معينة، او منطقة معينة أو محافظة أو قبيلة معينة.
ان الثقة لم تمنح للجميع، فكل المناصب في تكوين جيشنا الجنوبي مبنية على وتر الوساطة والمعرفة والمنطقة، ناهيك عن المؤهل أو الكفاءات.
فإذا كنت أنا قائد أحد الالوية أو الكتائب، ضروري أعطي المناصب في إطار مسؤوليتي لأشخاص من أقاربي حتى وان لم يكن لديهم المؤهلات في ذلك الخصوص.
وضروري يطلق الآخرين على اسم اللواء باسمي الشخصي، واذا سُئل أحد أفراد اللواء الخاص بي "تبع أي وحدة أنت" ضروري يجاوب تبع القائد فلان بن فلان، وقد كثُرت الألقاب والكُنى في الاونه الأخيرة مثال: ابو زعطان - ابو فلتان.... الخ
وبهذا فان التصميم والبناء الهيكلي والتنظيمي لجيشنا الجنوبي من الأساس غلط في غلط.
ونصيحتي الخالصة إلى قيادتنا العسكرية والأمنية، إلى إعادة النظر في هذا الجانب، فكلنا على تراب هذا الوطن سواء سويه، لا أحد أكبر من أحد ولا أحد وصي على أحد، الوطن للجميع بالواقع والأفعال وليس عبر الخطابات.
ولذلك نريد تأسيس جيش جنوبي خالي من التعصب والتشرذم، مجمل ولاءه لله ثم للوطن، جيش من جميع أبناء الشعب الجنوبي، بعيدًا عن المناطقية او الحزبية او الشخصية، والجنوب يتسع للجميع أبناءه، وينهض بكل أبناءه، مع إعطاء كل ذي حقٍ حقه، واستقطاب أهل الكفاءات والخبرات والمؤهلات، بعيدًا عن الوساطة، المعرفة والعنصرية؛ ولابد أن يأخذ قيادتنا الدرس من عفاش وجيشه، لأن بلادنا مش ناقصة حروب أهلية وصراعات ومناكفات.