آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-06:05م

المجتمع اليمني بين الماضي والحاضر

الخميس - 18 أبريل 2024 - الساعة 07:14 م

مشتاق العلوي
بقلم: مشتاق العلوي
- ارشيف الكاتب




خلال أيام غربتي في المملكة العربية السعودية، سنحت لي الأيام في مقابلة اشخاص من دول عديدة، دول عربية وأجنبية، والبعض منهم زملاء لي في العمل، والبعض عن طريق الصدفة، وكنت دومًا أتباهى أمامهم بأننا نحنُ في اليمن بشكل عام، لا زالت تحكمنا القبيلة، وأننا مجتمع محافظ إلى أقصى حد، وأننا الشعب الوحيد الذي لم يتأثر بالثقافات الخارجية، مقارنةً بباقي الشعوب العربية والإسلامية.
ورغم جهلي وصُغر سني في ذلك الوقت، إلا أنني كنت أتكلم من مصدر الفخر، والاعتزاز، ولم أكن أتصور أن الوضع سيتبدل وأنه لا شيء ثابت في الكون كله من صنع البشرية على الإطلاق.
مرت الأيام وجاء اليوم الذي عدت فيه إلى بلدي (اليمن) وكان الموافق شهر 12/2016، وعند دخولي اليمن كنت أشاهد مشاهد أمام عيني لم أعهدها من قبل، وكنت أقول في نفسي ذلك حدثٌ عارض، لا يمثل الشعب اليمني، ومع مرور الوقت حتى عامنا هذا 2024 أيقنت وتأكدت أن المجتمع اليمني بشكل عام، قد خلع عباءة القبيلة وعاداتها وتقاليدها، وسقط السقوط المدوي في مستنقع الإنفتاح شبه الكلي، إلا من رحم ربي.
وهنا تذكرت نقاش دار بيني مع صديقي المصري أيام الغربة، قبل عدة سنوات عندما تناقشنا عن موضوع الإنفتاح في بُلداننا العربية والاسلامية قال لي باللهجة المصرية العامية (صبرك يا بو يمن الدور واجي عليكم) ، أبغى فاكر ساعتها - وقالي كمان يا عمي احنا دول عربية مُستباحة، لا قرار لنا ولا سيادة، اليهود متحكمين فينا بكل شيء، صبرك يا بو يمن قريباً تشوف المراقص وبيع الخمور وسط الشوارع، ولو انت راجل وجدع أطلع اتكلم ساعتها وفتح بؤوك.
وقتها قلت لنفسي خلاص يا مشتاق لا تحرج صديقك المصري، شوف الرجال مش لاقي كلام يجاوب عليك، رجع دخل اليهود بالموضوع وهذا أعتقد من علامات العجز عن الدفاع وانتهى النقاش بيننا.
وأنا الصراحة لم أكن أتخيل إطلاقًا أن تصل الأمور إلى ماهي عليه اليوم في بلادنا اليمن بشكل عام، تعلمون لماذا.؟
لأن روح العصبية الناتجة عن القبيلة وعاداتها، وأعرافها، وأسلافها، كانت هي الحكم والمتحكم في مجمل أقوالي وأفعالي، لم أكن أتصور أن يسمح رب البيت لزوجته أو إحدَى بناته بالذهاب عشرات الكيلومترات لوحدها بدون محرم، على متن ناقلة أجرة مكتظة بالرجال، من كل حدب وصوب.
لم أكن أتصور أن يُقام حفل جماهيري مختلط في أحد المنتجعات أو المولات أو الحدائق، وأشاهد تلك الأشكال وتلك المشاهد أمام عيني.
لم أكن أتخيل ولو مجرد تخيل، أن يسمح أرباب الأسر لبناتهم بالعمل لصالح منظمات طمعًا بالنقود متناسين الشرف والعار والعرض والكرامة، رغم التحذيرات من متنوري الوعي وخطباء المساجد وغيرهم.
لم أتخيل ان تظهر بنت يمينة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي في بث مباشر، بملابس فاضحة ومكشوفة تعمل تحدي على تطبيق (تيكتوك).
لكن للأسف الشديد أصبح المحظور حقيقة، والحرام حلال، لقد تغير الزمان ولم يتغير المكان بل تغيرت النفوس، وظهرت معادن الرجال الحقيقية من أرباب الأسر!
إننا نعيش في مستنقع الإنحطاط الأخلاقي والمجتمعي، فاللهم أنني ابراء إليك من ما يفعل قومي، فاللهم ردنا إليك ردًا جميلَ.