آخر تحديث :الأربعاء-15 مايو 2024-07:34ص

وحش على الورق..!

السبت - 06 أبريل 2024 - الساعة 03:02 م

القاضي عبدالناصر سنيد
بقلم: القاضي عبدالناصر سنيد
- ارشيف الكاتب


الظاهر بأن السلطة القضائية أصبحت مثل البعبع الكبير الذي ليس له أي قيمة تذكر ، وصار البعض ينظر إلى السلطة القضائية بأنها عبارة عن وحش مخيف من ورق ، ولكن في الواقع هذا الوحش أليف لا تخيف أسنانه أحد ، وخصوصا ان السلطة التنفيذية تعمل على خنق السلطة القضائية بأحكام ، من خلال اعتماد موازنه هزيلة لا تلبي احتياجات السلطة القضائية في حدها الأدنى ، وهو الأمر الذي جعل رواتب منتسبي السلطة القضائية ولأول مره في تاريخ البلاد تهرول إلى ما دون خط الفقر.

تواترت الأنباء السارة عن قيام الحكومة ممثلة بوزارة المالية بصرف العلاوات السنوية والاكراميات بمئات الآلاف لا شقائنا في معظم مرافق الجهاز الإداري للدولة ، وهو الأمر الذي أسعد الجميع وخصوصا ان هذا الأمر قد تم في توقيت مثالي يزداد فيه احتياج الأسر إلى نفقات اضافيه تلبي حاجات العيد ، ولكن على الرغم من السعادة الغامرة التي اصابتنا فرحا بالخير الذي نزل مثل المطر على اشقائنا في المرافق الأخرى إلا أن الحزن العميق قد أصابنا للحال الذي وصلت إليه السلطة القضائية ولسان حالنا يقول إن لم يصيبنا وابل من المطر على الأقل يصيبنا بعضا من الطل.
وسائل الإعلام واخص بالذكر الحكومية منها قد جلبت الصداع إلى رؤوسنا وأدخلت الرعب إلى نفوسنا فهي مازالت تذكرنا بأن البلاد تمر بضائقه اقتصاديه وماليه ، ليضعنا هذا أمام سؤال وجيه من اين جاءت السلطة التنفيذية بكل هذه الموارد لتصرفها ببذخ كإكراميات ؟ مع أن ذات السلطة التنفيذية ترفض و بشده الامتثال لأحكام دستور البلاد وصرف موازنة السلطة القضائية رقم واحد ، معللة ذلك بشحة الموارد و ضيق الحال ، ما يضعنا أمام المثل الشعبي القائل اسمع كلامك اصدقك اشوف عمايلك استغرب.

موازنة السلطة الفضائية لا يجب باي حال أن تكون موضوع لمفاوضات يتم فيها تبادل النيران بين مطالب هذا ومبررات ذاك ، واتوقع من جوتيرش أن يكلف قريبا مبعوثا ساميا من قبله لقيادة مثل هذه المفاوضات نحو بر الأمان ، فلازالت تلك المفاوضات متعثرة ما بين إضافة رقم وحذف لأرقام .

ختاما هيبة القضاء كان موضوع للعديد من المؤلفات النفيسة والتي أشارت جميعها إلى ضرورة تطبيق القاعدة الشرعية والذي تنص " أن من ولي أمرا من أمور المسلمين فإن كفايته على بيت مال المسلمين" ، لا ادري هل اخدت الحكومة علما بوجود مثل هذه القاعدة أو أن اذان وزير المالية قد برمجت سلفا على الاستمتاع بسماع هذه الآية ﴿قالوا يا أَيُّهَا العَزيزُ مَسَّنا وَأَهلَنَا الضُّرُّ وَجِئنا بِبِضاعَةٍ مُزجاةٍ فَأَوفِ لَنَا الكَيلَ وَتَصَدَّق عَلَينا إِنَّ اللَّهَ يَجزِي المُتَصَدِّقينَ﴾ [يوسف: ٨٨]