لست أدري لماذا يأسرني دائماً الفكر النقيض بمعنى آخر الوجه المخفي للشيء ، أو نصف الكأس الذي يراه المتشائم فارغاً ، وعكس ذلك المتفائل يراه ممتلئاً ، ما أعنيه هنا أن للحقيقة وجهها الذي لم نعرفه بعد ، ولم يعرفه كذلك كثير من الرفاق الذين يعتلون مقاعد الحكم عن سر إغلاق طريق عقبة ثرة ، فأن كانت هناك دولة ورئيس ووزراء ومحافظين فهذا خطاب موجه اليهم ، وأن لم تكن ولم يكونوا فالعوض من الله !
يمضي عام ويأتي آخر ونحن على هذا الحال ، طريق عقبة ثرة نافذة أقتصادية مربحة لكل الشعب ، وشريان حياة لمعايش كل الناس في هذا الوطن الجريح ، أكثر من هذا يربط بين العلاقات الإنسانية والاجتماعية والأسرية الواحدة زيارات نسب مصاهرات تزاوج ، فلماذا كل هذا التزمت وماهي الاسباب التي تقف وراء ذلك ، وخاصة بعد أن أصبحت كل المعابر والمنافذ والمضائق الحدودية مفتوحة من ميدي شمالاً إلى رأس ضربة علي جنوباً وعلى مصراعيها ، ولكن على مايبدو من أن هناك لغز ولربما هذا اللغز مرهون ببقاء السلطة شريطة أن تظل عقبة ثرة مؤصدة !
أكثر من 17,5 مليون من سكان الجمهورية يرتادون هذا الممر الجبلي ، ومن كل المحافظات وهم في أمس الحاجة اليه ، عدد كبير أكثر من ثلثي السكان ، فهذه دلالة ومؤشر خطير على فشل كل الحكومات التي تعاقبت منذ إغلاقه !
لقد فشلت الدولة فشلاً ذريعاً في فتح وتأمين طريق عقبة ثرة أمام كل الناس ، وضاعت مصداقيتها وقدرتها من تمكين مواطنيها من حقوق المواطنة الصالحة ، مواعيد عرقوبية تفتحت أزهارها وجفت فيما بعد لتذروها الرياح !
إن الأزمة التي يعيشها الوطن اليوم بكل مكوناته وأطيافه من حكومة وأحزاب ومجتمع هي أزمة وطنية ، لايمكن أن نتجاوزها إلا بإستعادة ولائنا للوطن وحباً للتسامح ، وفتح حوار صادق يلبي الرغبات الوطنية ، بعيداً عن رهانات المكاسب والانتماءات ، لأن الفوضى والعشوائية وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية الضيقة وتمزيق الأسرة الواحدة لن تأتي لنا بالحلول السحرية ولن تجلب الاستقرار الاجتماعي والأمن الاقتصادي الذي نامله ، بل ستزيد من بشاعة المنظر والواقع أكثر وسُتخلّف أجيالاً بلا مستقبل ولاهوية وسيدفع ثمنها الوطن والمواطن البسيط ، وبالتالي سيصل الجراح حتماً إلى الكبار الذين يمتلكون الحكم وكل شيء وسيُدمِينا ويبكينا جميعاً !