آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-04:37م

من أسباب تخلُّف بلادنا .. تقديس المسؤول وإهمال المسؤولية!

الأحد - 04 فبراير 2024 - الساعة 11:29 م

محمد عادل العمري
بقلم: محمد عادل العمري
- ارشيف الكاتب





تجذّرت في اليمن -بشكل خاص- ثقافة تقديس المسؤول أو الحاكم، وكادت تكون ظاهرة ثقافية طاغية في عالمنا العربي؛ حتّى إنّ الغالبية الساحقة من الشعوب العربية أصبحت تراهم أيقونات تتطاير من حولهم (قُدسيّة) تمنع من أن تراهم كبشر، وتحوّطهم من النقد والمساس!

في بلادنا يتم تقديس المسؤول ورفعه إلى ما فوق القداسة؛ لدرجة أن البعض يتمنى أن يُقبّل يديه ليس احتراماً، وإنما مُجاملة من أجل منفعة أو مصلحة شخصية!
لدينا فهم خاطئ حول هذا الأمر المُتمثل بماهية المسؤول ومعرفة مُسؤولياته المُناطة، والمبالغة في إخراجه من الحياة الواقعية والموضوعية للبلد، وإضفاء الحصانة والقداسة المُفرطة له دون أدنى وعي أو مُبالاة بمخاطره المُترتبة ..

إنّ من أكبر الأخطاء التي يرتكبها المُجتمع هي.. تقديس وتأليه المسؤول؛ فعندما يشعر المسؤول بأنه مُقدّس من طرف فئة من المُجتمع، يعتقد حينها أنه فوق القانون، وأنه لا يخضع للمُساءلة، فيُصبح مُستبداً طاغياً، ونُصبح سبباً في صناعة استبداده، ونقع في فخّ تقديس المسؤول؛ حتّى يركن إلى الاطمئنان من المُحاسبة، فيهمل مسؤوليته، ويتجاهل عمله؛ وهذه مشكلتنا التي نعيشها، ثمّ نسأل أنفسنا: لماذا يُقصّر المسؤول؟!
تقول الرواية [إن فرعون لم يبدأ مسيرته في دنيا السياسة والحكم من {أنا ربكم الأعلى}، فقد كان رجلاً عادياً في البداية، ثم صار حاكماً، فشرع "الملأ" في تعظيمه، حتى توّهم أنه يتواصل مع قوة عليا تمنحه الإلهام والمدد، وحين "استخفّ" قومه "فأطاعوه" وصل المرحلة الأخيرة مُعلناً أنه هو "الرب".]

من الداعي والواجب على المُجتمع معرفة معنى المسؤول وإدراك مهامه ومسؤولياته، ومُراقبة طبيعة عمله، وتقييم أدائه وإنجازاته وأثره، ونقده ومحاسبته حال تقصيره؛ فالمسؤول بالأصل هو: مُوظف دوره الأساسي خدمة البلد في المجال المعني به، يُؤدي خدمته في أحد مرافق الدولة ومُؤسساتها وعندما ينتهي يعود مُواطن عادي. (ماذا لو عاملنا جميع المسؤولين كمُواطنين عاديين وتم نزع الحصانات والامتيازات عنهم؟).

يجب أن تنشأ لدينا ثقافة النظر للمسؤول على أنه مُوظف في الدولة مهما علا شأنه، فالمسؤول عليه واجبٌ ومسؤولية تجاه ما أُوكل به وكُلِّف عليه، فلا يعتقد أحد أن ما يقوم به هبة منه أو صدقة بل واجبٌ ومسؤوليةٌ وتكليف يُرقى إن أحسن في عمله، ويُحاسب إذا قصّر أو أخلّ بعمله!

لذلك يجب علينا اجتثاث هذه الثقافة المُتجذرة، والابتعاد عن تقديس المسؤول وتحويله لطاغية، والتحلي بالشفافية والحياد، وتعزيز آفاق النقد البنّاء الهادف لتصحيح الأخطاء، ومعالجة الأوضاع.