آخر تحديث :الأربعاء-15 مايو 2024-10:04م

سنمشي تحت المطر حتى لا يرى الناس دموعنا

الجمعة - 19 يناير 2024 - الساعة 05:39 م

أ. إيهاب طاهر
بقلم: أ. إيهاب طاهر
- ارشيف الكاتب


استوقفتني كثيراً قصة (بائعة الخبز) السودانية ولها من الدلائل والعبر الكثير قرأتها وانا اتأمل حال المعلمين اليوم، نظرت اليها كقصة هادفة عن معلم انسان وقصة كفاح لبنت متشردة خرجت من مستنقع الفقر والذل الى عالم الطب والتفوق.

دارت في خلدي مفارقات عديدة عن قدسية المعلم وأداء رسالته السامية وتوصيلها الى النشء والشباب، ما حصل لبائعة الخبز يلخص مهنة ودور المعلم في المجتمع فلا تحدثنا عن الحالة الاقتصادية والامكانيات والدعم فحال السودان لا يختلف عن حالنا بل قد يكون اسوأ مادياً واقتصادياً وامنياً لكن الاختلاف في الاهتمام والنظرة الناضجة للمعلم.

بالله عليكم إن حصل واتت طفلة متشردة أو بائعة كبريت الى نافذة اي فصل وطلبت من احد معلمينا ان تستمع للدرس من النافذة فهل سيكون رد المعلم على الرحب والسعة ويطلب من المعلمين الاخرين ان يسمحوا لهذه الفتاة بمواصلة تعليمها عبر النافذة، اعتقد اني تحصلت على الرد مسبقاً فالمعلم ضاق ذرعاً واصبحت حياته موحشة وكئيبة بسبب الوضع المادي المزري فهو لا يطيق الطلاب في الفصل من كثر التفكير بمشاكله المادية فهل سيستوعب طفل يأتيه للدراسة من النافذة.

سألني ولي أمر احد الطلاب لماذا اصبح عقل المعلم متوقف عن توليد الافكار الجديدة !؟ اجبته لان المعلم يخرج من الفصل الدراسي ليتحدث مع بقية زملاءه المعلمين عن الراتب ومتى ستأتي العلاوات وهل الراتب سيتأخر لشهر يناير كسابقه شهر ديسمبر وهل صحيح ان رواتبنا تحولت الى بند المساعدات والهبات وان البنك المركزي اعلن افلاسه ولن يستطيع دفع المرتبات, للأسف هذا هو حال المعلمين اليوم.

معلمي العالم يبدعون ويناقشون سبل التعاون والتطوير المشترك والمستمر لأجل ان ينهضوا بالعملية التعليمية في اوطانهم فتقدير المعلمين ورفع شأنهم ينعكس على تطور التعليم والرقي بمخرجات قوية متعلمه تسهم في بناء البلد من جديد.

تأملوا قصة بائعة الخبز وانظروا الى حال المعلمين، هم وحدهم من يصقلوا النشء ويبنوا الأمة ويعمرون الاوطان.
تكوين شخصية اي انسان، طبيب، مهندس، قائد أو مسؤول تبدأ من نشأته ودراسته وتعليمه.

لن نتمكن من العبور والخروج من الازمة وحق المعلم مسلوب فقهر المعلم وكسر ظهره من عظائم الأمور، بهذا انتم قضيتم على اخر أمل في النهوض، فلا تدمروا مجتمعكم بإيديكم.