آخر تحديث :الإثنين-13 مايو 2024-10:15ص

من أعلام دثينة (الشيخ الدكتور نايف المحثوثي)

الثلاثاء - 09 يناير 2024 - الساعة 09:03 م

ناصر الوليدي
بقلم: ناصر الوليدي
- ارشيف الكاتب




في السنوات الأخيرة شغلت بالبحث في تاريخ دثينة وأعلامها ومعالمها ومكوناتها الاجتماعية، وتطلب ذلك مني الغوص في بطون الكتب القديمة والوسيطة والحديثة وتتبع الأخبار من الرواة والبحث عن الآثار والنقوش، وقد وجدت لدثينة الكثير من الأخبار التي تدعو إلى الفخر والتأسي، فلها الكثير من المواقف والقادة والساسة والقضاة والعلماء.
ولكني في الحقيقة لمست شحة كبيرة في وجود العلماء والشعراء والمؤرخين الذي ولدوا أو عاشوا في دثينة مدة طويلة بعد القرن الهجري الأول، وكنت إذا ظفرت بعالم أو شاعر فرحت به فرحا كبيرا، ومن أمثلة من ظفرت بهم ماذكره الجندي في السلوك عن الفقيه (ابن الدويح) الذي كان في مدينة الفرط ( امنجدة) في القرن السابع الهجري، وكذلك ابن مقبل العلهي الدثني شارح مشكل اللمع للشيرازي ومؤلف الإيضاح في الفقه الشافعي ذكرهم الجندي والخزرجي وغيرهم.

*ولكن*
في السنوات الأخيرة برز في دثينة الكثير من الشعراء والمثقفين والمهتمين بالعلم الشرعي، وهي ظاهرة تبشر بتوسع دائرة الفكر والعلم والمعرفة في دثينة وتحتاج الكثير من التشجيع والرعاية.
ومن الأعلام الذين برزوا في هذه المرحلة أخي وصديقي

*(الدكتور نايف المحثوثي)*

فمن هو الشيخ الدكتور نايف المحثوثي ؟
في قلب دثينة وفي منطقة (لبو) المحثوثية وبالضبط في قرية القاع ولد الشيخ أبو حازم نايف بن سالم بن علي المحثوثي ( ابن مشنية) في١٥سبتمبرعام ١٩٨١م .
درس الابتدائية في قرية (المركد) بلبو ثم (الحميشة)، وفي قرية (الصرة) كانت دراسته الثانوية، وكان في كل ذلك من أذكى الطلاب وأنبههم وأكثرهم تحصيلا واجتهادا ومثابرة وتفوقا.
وفي المعهد العالي للتوجيه والإرشاد التابع لوزارة الأوقاف واصل تعليمه في مدينة عدن ليحصد شهادة الليسانس الأزهرية بتفوق عال بحصوله على المركز الأول في دفعته بمعدل (٩٦٪) عام ٢٠٠٧م، وهذا ما أهله للحصول على منحة دراسية في جامعة الأزهر بجمهورية مصر العربية إلا أن ظروفا طرأت فحالت دون سفره إلى مصر.
وفي السودان حصل على الدبلوم العالي في الدراسات الإسلامية ليعود بعدها إلى عدن، ومن جامعة عدن حصل على شهادة الماجستير بتفوق عام ٢٠١٧م عن رسالته (التسلية القرآنية).
ومنذ أيام ناقش الشيخ رسالة الدكتوراه في عدن عن رسالته (اختيارات الإمام السمعاني الفقهية) وحصل فيها على التفوق المعتاد مع التوصية بطباعة الرسالة.

*وإلى جانب* رحلته العلمية الرسمية لم يكن أبو حازم يكف عن التطواف على مراكز العلم وهجر المعرفة ومنابع الفكر، فقد تطوف بها كما يتطوف العطشان على الغدران والغيول والعيون، وانكب على المطالعة ومعانقة الكتب يفتض منها أبكار المعاني ويتتبع مسائلها كما يتتبع الراعي قطر الماء وعشب الأرض، ولكنه لم يكن يرتوي فهو عاشق للكتب حد الثمالة، وهذا ما أهله علميا وفكريا وثقافيا ونفسيا حتى أصبح من الراسخين في العلم المتمكنين من المعارف الدينية واللغوية، وأكسبه عشقه للمكتبات معرفة عميقة بعلوم الشريعة وآداب العرب وأخبارها وأشعارها فخرج من كل ذلك شاعرا متفننا مرهفا قد غرف من مناهل الشعراء ومنازعهم ماجعله من حواة القصيد وسحرة الحروف.
ضف إلى ذلك الروح التربوية التي تشربها من فطرة الريف والتربية الأسرية وحقول المعرفة، فجمع الرجل بين العلم والعمل والعبادة والزهد والتعفف ومكارم الأخلاق، لا أقول هذا مبالغة بل عن معرفة حقيقية وقرب حد التماس مع الشيخ أبي حازم، ويلمس هذا كل من صحب الرجل أو اقترب منه، فكان ذلك حصيلة رحلته العلمية والدعوية والفكرية لعقود من الزمان فأنتج علما وفكرا ومريدين يتأسون به ويحبونه وينهلون من معارفه وهديه ودله، فقد تخرج على يديه الكثير من الشباب وأصبحوا قادة ونوابغ ومعلمين ومؤثرين تجري في كل منهم روح شيخهم أبي حازم.
والشيخ نايف يتولى الآن إمامة وخطابة مسجد عثمان بن عفان رضي الله عنه في مدينة إنماء بمحافظة عدن .
ولم تكن شهادة الدكتوراه لتزيد الشيخ علما ولا معرفة ولا فكرا ولا مكانة اجتماعية، فهي بالنسبة له تحصيل حاصل وكرت عبور للاحتياجات الرسمية، وما الرجل من عشاق الدال ولا من المصابين بحمائها والتي جعلت البعض يظن أن حصوله على الدال نهاية المطاف أو أنها عصا سحرية تمنحه القدرة على تفسير كل شيء، أو من يظن أن الدال حرفا يتقدم اسمه كي ترفع له القبعات، وقطعا أقول وعن معرفة تامة بالرجل أنه كان يستحق هذا الدال قبل أن يتخرج من الثانوية ولكنها نظم وأطر رسمية لها ظروفها واشتراطاتها.
والشيخ نايف شاعر مرهف الاحساس محلق في آفاق الحروف، وهو أيضا كاتب رصين سلسل العبارة جزل المعاني متين المباني تخاله مزج بين جزالة القديم وسلاسة الحديث.

*مؤلفاته*

للدكتور نايف عدد من المؤلفات المطبوعة أوالمعدة للطبع منها:
١- منظومة الوصايا النبوية(دوحة العطايا وروضة الوصايا).
٢- منظومةالقصيدة السراجية.
٣- كتاب الأعواد الهندية(شرح منظومة الوصايا).
٤- التسلية القرآنية للنبي صلى الله عليه وسلم المظاهر والآثار(رسالة الماجستير) .
٥- ديوان شعر بعنوان: سِفر الخلود.
٦-كنوز الهدايا في التعليق على منظومة دوحة العطايا.
٧- أساليب المشركين في الصد عن النبي صلى الله عليه وسلم( بحث محكم- مجلة جامعة عدن) .
٨- المجزي من مواعظ ابن الجوزي.
٩- عقود الجمان في خطب ومواعظ مسجد عثمان.. مجلدان.
١٠- المذكرة في الفرائض.
١١- المختصر في أحكام الصيام والإعتكاف وزكاة الفطر.
١٢- المختصر في أحكام الأضاحي والعيدين.
١٣- اختيارات السمعاني الفقهية ( رسالة الدكتوراه)
.
وهذا غيض من فيض مما جاد به قلمي الكليل من فضائل ومكانة أخي الدكتور نايف المحثوثي، وهو والله أكثر من ذلك بمراحل، ووجود مثله في دثينة المعاصرة يبشر ببزوغ نهضة علمية معرفية ثقافية تظهر ملامحها وتشكلاتها بصور متعددة، تجعلنا نراهن على مستقبل دثينة العلمي والثقافي، ونتطلع إلى وجود الكثير من الأسباب والمؤثرات والنماذج التي تدعونا إلى التفاؤل بنهضتنا المعاصرة.
ومن جهة أخرى فإني أناشد الدكتور نايف أن يزيد من درجة تواصله مع جمهور القراء والمثقفين، والمجتمع ككل من خلال القنوات الفضائية وقنوات التواصل الإجتماعي حتى تتوسع دوائر الاستفادة منه وليكون شريكا مؤثرا في قضية التغيير المنشودة.