آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-02:31م

مفارقات

الثلاثاء - 05 ديسمبر 2023 - الساعة 10:06 ص

محمد عبدالله الموس
بقلم: محمد عبدالله الموس
- ارشيف الكاتب


 

محمد عبدالله الموس

تقول الخنساء الشاعرة:
ان الزمان وان طالت عجائبهُ.
ابقى لنا ذنباً واستأصل الرأسِ.
اما الجديدان في طول اختلافهما.
لا يفسدان ولكن تفسد الناسِ.

تشرفت قبل أيام قليلة بتلبية دعوة تلقيتها، بصفتي ممثلا لحزب رابطة الجنوب العربي الحر، من تكتل نسوي عدني لحضور فعالية تدشين حملة مناهضة (العنف السياسي ضد المرأة) تزامنا مع حملة الستة عشر يوم العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي رعاها المعهد الديمقراطي الأمريكي ndi، وهي فعالية اجزم انها لن تجد حقها من التغطية الاعلامية، وهذا بحد ذاته صورة من صور العنف القائم على النوع الاجتماعي.

اشرف وادار الفعالية كادر نسوي بشكل كامل، وكلهن، تقريباً، ينتمين للاحزاب، حتى انني قلت (يشعرنّنا بأن الاحزاب لا زالت حية في الحياة السياسية في بلادنا).

ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد قلت خلال حديث جانبي مع امين عام احد الاحزاب (يبدو ان دور الاحزاب يتراجع لصالح دور القبيلة) فرد علي ضاحكا بأن هذه سمة عالمية، فقلت له، ان هذه حالة نعيشها في بلادنا فقط، قلت ذلك من وحي الواقعة الشهيرة التي حدثت في احدى الوزارات السيادية المعنية بتفعيل القانون عندما تم حل الخلاف بين مسؤليَن من العيار الثقيل بتدخل قبلي وبتغطية اعلامية، وهي حالة تعكس تراجع دور المؤسسات وإحياء الاعراف القبلية في وقائع اخرى مشابهة أيضا.

في مفارقة اخرى، ولدى تصفحي في اليوتيوب شاهدت اغنية ليهود من اليمن حافظوا فيها على الكلمات واللحن لكنهم قدموها في قالب عصري بديع يستهوي أبناء عصرهم بكل تأكيد، وجرني البحث الى نماذج اخرى من بيوتهم، فهناك غرف في هذه البيوت هي اقرب الى المتاحف منها الى غرف سكنية فهي تحوي ادوات منزلية من تلك التي كنا نراها في بيوت اجدادنا، حتى لهجاتهم العربية ورثّوها لابناءهم واحفادهم.

قد يقل قائل ان تلك الادوات عناوين للتخلف، لكني بدوري اتسائل، وهل العودة إلى الأعراف بدلا من القانون هي عناوين عصرية.

هناك صور كثيرة من المفارقات لا يتسع لها مقال، لكن الامانة تقتضي ان نشير الى ضؤ في آخر النفق تمثل في ندوة اقامتها دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي حول الاهمية التاريخية والعسكرية والقانونية لمضيق باب المندب، وهي تؤكد الى ان هناك عقول جنوبية تهتم بالمستقبل وتنظر الى أبعد من الأنوف.

وكما بدأت اختم بشعر لأبي الطيب المتني:
نشكو اذى الدهر شكوى لا اساس لها.
فالدهر لم يرتكب أثما ولم يجر.
لم يغلق البشر الابواب ان رقدوا.
خوفا من الدهر بل خوفا من البشر.

عدن
٥ ديسمبر ٢٠٢٣م