آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-03:00م

"كُلٌ يرى الناس بعين طبعه " ..!

الأربعاء - 15 نوفمبر 2023 - الساعة 12:00 ص

شفاء سعيد باحميش
بقلم: شفاء سعيد باحميش
- ارشيف الكاتب


تأملت فترة طويلة في هذه المقولة، ووجدت كمية من الصدق في كل حرف فيها، حيث وأنني وبعد تأمل طويل فيها،  ايقنت معناها الحقيقي الذي من ناحية فيها من الجمال ومن ناحية أخرى فيها من القبح والسلبية. 

كل شيء نسبي في حياتنا.. لا شيء مكتمل، سوى ان البعض يصرّ على أن ينظر دائمًا إلى الشيء السلبي القبيح، في للوقت الذي يفترض علينا جميعًا أن نسعى جاهدين لتجميل الأمور ، لكي نستطيع ان نخلق لنا ولمن حولنا حياة من لا شيء ، في ظل وضع غير مستقر ويحتاج مننا كشخصيات واعية، لها دورها في المجتمع، وأن نعي إننا بكل ما نسعى للقيام به يراه الله، ويشهد على أقوالنا .. سنحاسب امام الله ولن يكون بعدها لدينا ايّ مخرج من كل جملة كتبناها ومن كل موضوع تطرقنا إليه دون معرفة الحقيقة عن قرب ويقين.

يحزُّ في النفس الوضع المتأزم بسبب رمي التهم جزافًا، وهذه من السلوكيات الخطيرة، التي يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، تأذي النفوس الذي لا يعلم بحالها الا الله، وربما تؤدّي الى إلحاق الأذى والضرر بالآخرين، وقد تصل آثار هذه الأفعال إلى الهدم .. والمتسبب بهذا الهدم بعيد كل البعد عن الواقع الفعلي الحقيقي.

 ومع الأسف إن تمعنّا جيدًا ، سنجد ان هناك العديد من الأسباب التي تدفع البعض إلى رمي التّهم جزافًا، فبعضهم قد يكون مدفوعًا بالغيرة والحقد أو الانتقام، وقد يكون البعض الآخر يسعى إلى الشهرة أو الربح، وآخر فقد مصالحه.. وهناك أيضا من يقومون بذلك ببساطة لأنهم لا يعرفون الفرق بين الحقيقة والزيف، وبين الصدق والكذب، والتدليس والخداع.. لا يعرفون إنّ الحياة وما فيها، ممكن أن تكون جيدة الحال إن أردنا ذلك، ولأن الحياة ومن فيها بنظرهم لا شيء وهم فقط الصالحين المصلحين، متناسين إنهم مخلوقات من خلق الله.

ومهما كانت الأسباب فإن رمي التّهم جزافًا وبهتانًا ونقل الكلام المنقول (القيل والقال)، هو سلوك غير مسؤول وغير لائق وليس من الأخلاق الحميدة، حيث انه اصبح وارد وضار بالفرد والمجتمع ككل..
رمي التهم جزافًا على المستوى الفردي، يؤدي في بعض الحالات إلى تدمير حياة الشخص المستهدف، و قد يفقد هذا الشخص وظيفته أو أسرته أو علاقاته بمن حوله وتنهدّ حياته. وعلى المستوى المجتمعي العام يؤدي رمي التهم الباطلة إلى إذكاء الكراهية والبغضاء بين الناس وفقدان الثقة ببعضهم البعض، ويصعب عليهم العمل معًا وهذا الأمر الذي نعيشه  سلوكًا ممقوتًا و هادمًا للمجتمع ويزعزع العلاقات المجتمعية بين أفراد الفريق الواحد في العمل، ويمكن أن يؤثر سلبًا ويعطيل تقدم عجلة التنمية والبناء وقد يوقفها بشكل عام في بعض الحالات.

لذا من المهم جدًا .. أن نكون على بيّنة وعلم بمخاطر هذا السلوك المشين ، وقد نبه الله عزّ وجل عباده الصالحين في محكم تنزيله من السلوكيات السيئة والهدامة وهو القائل:

{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ } س الحجرات / الآية (6).

فقبل أن نتهم شخصًا أو جهة أو مجموعة بأيّ تهمة، يجب أن نتأكد من وجود الدليل على صحة اتهامنا وافضل دليل ليست الوثائق والقرائن فقط، بل التوجه بشكل مباشر والجلوس مع الطرف الآخر للتحقيق في ما وصل إلينا من بلاغ ، قبل التعميم غير المنصف، أو الإشهار بمن هو محل الشبهة، حتى تتضح البينة.

ونأمل أن نكون مجتمع متحضر ، بدلًا من مهاجمة الآخرين و أن نخطوا خطوات صحيحة سليمة عند بدء إجراءات التحقيق،  وعلينا ان نحمي الأشخاص الذين يتعرضون لرمي الاتهامات الباطلة، ونكون ناصحين ومرشدين لهم، ومعهم سنصل الى التصحيح وهذا سيعزز فينا تفعيل المساءلة المجتمعية والتعامل بشفافية.

 و لا ننسى إننا قبل محاسبة الآخرين وتوجيه الاتهام إليهم أو التشهير بهم، اننا بشر مثلهم نخطئ ونصيب.
وأنفع الناس من قوّم نفسه وأعتنى بها أكثر من عنايته بتقويم غيره، مهم ان ننظر للواقع حولنا والتعقيدات والمعوقات التي فيها ونضع انفسنا مكان الاخرين.

دعونا نسند بعضنا وبتعاوننا جميعًا سنساهم في حماية مجتمعنا ونعمل لكي يكون أكثر عدلًا وأمانًا.

والله من وراء القصد.