آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-03:32م

حياة تحتضر. اقصوصة

الإثنين - 13 نوفمبر 2023 - الساعة 12:00 ص

فاطمة عصام مريسي
بقلم: فاطمة عصام مريسي
- ارشيف الكاتب


احاول بكل جهدي أن انقذ اكبر عدد من المصابين اللذين يأتون  الى مشفانا في حالة حرجه كل ساعة من كل الفئات المختلفة والاعمار كبار السن والشباب والنساء والاطفال والرضع رضيع صغير لم يكمل حتى الأسبوع من عمره ومن غرفة الى غرفة لاوقت للراحة ليس واجب عمل لكن واجب إنساني كيف ارتاح والناس تعاني من الآلام والجراح النازفة لايخلو المشفى من آهات الألم و صيحات النساء وقهر الرجال هذا المشهد يتكرر بشكل كبير وكل يوم الغرف مزدحمة بالمصابين والممرات أيضاً والمشرحه لم تعد تتسع للوفيات وكلاً ينتظر دوره ليكفن ذويه منهم من لايلقى من ذويه مايستطيع تكفينه حتى، ومن كثرة الموتى لم يعد لدينا اكفان تكفي الجميع  اصبحنا نكفن أشلاء الاسرة الواحدة في كفن واحد، أن قلبي ليس من حجر امام هذة المشاهد لكن واجبي يحتم علي استحمال ونقل اخبار من يتم نقلهم في حالة حرجة وينتظرون أهله اخبار المعجزه بأن يقوم من ما أصابه لكن ينتهي عمره باصابات بليغة وقبل حتى ان يصل الى هنا 
وكم هو صعب أن تكون انت من تنقل الخبر الذي يحطم آمالهم وليس هناك وقت حتى لاستطيع مواساتهم فالجريح الذي بعده يحتاج للمساعدة وهكذا اقضي يومياً عملي بين انقاذ من يمكن انقاذهم ونقل اخبار محزنه لذوي المتوفين ورؤية الحزن على الوجوة الموجودة هناك وقلبي يتقطع لمصابهم..

وياتيني يوم من ايام عملي المستمر طفلة الواضح عليها الجمال فكل الاطفال جميلين في نظر العالم اجمع لكن هذة الطفلة لن تتعرف على  شكلها فقد اتتنا بجسد ممزق احد اطرافها السفلية مسحوقة يبدو ان عظمها الضعيف لم يتحمل ثقل ما سقط فوقها ايا كان جدار او عمود او حتى حجر وبقية جسمها ممتلئ ليس بخدوش بل بوابل من الثقوب وانها ممتلئة بالتراب والحصى ورغم كل مصابها  الطفلة مازالت تتنفس هناك نبض ضعيف لكن بحنكة طبيب اعرف أن الفتاة لن تطول بالحياة لكني حاولت انقاذها بكل ما استطيع من طاقة وجهد رغم ادراكي لحقيقة موتها المحتم والمفروغ منه وبينما أنا احاول انعاش جسدها الضئيل امسكت بيدي بأحد يديها الصغيرة جداً تحركت مشاعري وكل وجداني معها والتفت اليها وفتحت الفتاة الصغيرة عيونها الجميلة وحدقت بي ثم ارتخت يدها عن يدي، بدون شعور أدمعت اعيني فملمس يدها الصغيرة ليدي حركت فيّ شعور الأبوه ترحمت لها ومسحت ماتبقى من ادمعي ووقفت امام الباب الذي يخرجني من الغرفة التي ضاقت بي وحان وقت الخبر الذي يحطم قلب ايا كان من اهلها خلف هذا الباب فتحت الباب وياليتني لم افتحه ياليتني ضللت في تلك الغرفة إلى الابد نظرت الى عينا زوجتي التي كانت تنتظر خلف هذا الباب لم احتج الى السؤال ولم تحتج هي للاجابة يكفي ماشرحته العيون لكلينا شعرت حينها بأن روحي فارقتني تجمدت اطرافي خلفي خلف هذا الباب تلك الطفلة من حركت وجداني ومشاعري لها تكون ابنتي ابنتي العزيزة حياة لقد انسحبت الحياة امام عيني وانتظرت عاجز عن فعل اي شيء لها لقد لفظت ابنتي اخر انفاسها بين يداي التي كم تمنيت بترها في هذه اللحظة البائسة ولجت في سرعة الى محبوبتي الصغيرة التي اسميتها حياة تيمنن بالحياة أملت ان تعيش حياةً مديدة مليئة بالسعادة وان اراها تكبر امام ناظري كحلم كل أب نظرت اليها بجسدها الممزق والمكدوم وانا تنعاد في ذاكرتي اخر نفس لها بين يداي كُتب لي أن ارء اخر نظرة من عيون ابنتي وهي تحتظر احتضنت طفلتي الصغيرة من كنت بين احضانها انسى مشقة مانعانيه من حزن وخوف ورهبه هذه الأيام في رائحتها كنت اجد الطمئنينة والراحة لكن الان كل ما اجده رائحة الدم والموت ذهبت طمئنينتي وذهبت راحتي،انذرفت دموعي ونام قلبي في سبات معها وددت لو استطيع انتزاع حياتي واعطائها فقدان الضنى مهلكة للروح .

وايقضني من غفوة بؤسي ومعاناتي نداء إنساني يجب علي ان اتناسى حزني وألمي وارجع الى تفقد الجرحى وانقاذ اكبر عدد من ما أستطيع إنقاذه  ودعت صغيرتي الوداع الاخير وقبلت جبينها بعمق مع السلامه يا حياة والدك طير من طيور الجنة.

فاطمة عصام مريسي