آخر تحديث :السبت-01 يونيو 2024-09:20ص

تحت الركام

السبت - 04 نوفمبر 2023 - الساعة 12:51 م

فاطمة عصام مريسي
بقلم: فاطمة عصام مريسي
- ارشيف الكاتب


في غياهب الظلام هناك ما تبقى مني ساكن لا أستطيع الحراك أو الكلام ومع من أتكلم وأنا هنا وحدي أعاني من ظلام ووحشة المكان أحد أطرافي السفلية تحت أطنان من التراب والأخرى ما عدت أشعر بها أساسا لا أدري هل تحت الركام هي الأخرى أم بترت عندما سقط السقف علينا ونحن نيام لا أعرف ما هو الوقت الآن يمكن أن نكون في الصباح أو في المساء لتادري بالضبط فكل ما اذكره أنني كنت في فراشي لانام حوالي الثامنة مساء فكما يعلم الجميع نحن في ظرف قهري لا كهرباء ولا سبل ترفيه تسمح لنا بالسمر والسهر، والاكل قليل اذا لم يكن معدوما عند البعض لكن في بيتنا والحمدلله كان عندنا بعض الخبز الجاف فاعطي اكبر حصة لامي واتظاهر بانني أكل كي لاتنشغل علي فهي مرضعة وبالتاكيد تحتاج للغذاء وابي أيضا اشعر في كثير من الاحيان انه يتظاهر بتناول الطعام خارجا مع رفاقه لكي لايشاركنا لقمتنا القليلة وتفضحه معدته عندما تتضور جوعا هه بعد كل شيء تشاركنا هذا السر بيني وبين ابي العزيز بان نتقاسم التقليل من كميات ما ناكلة من طعام من اجل والدتي والرضيعة كانت هناك الكثير من الاسرار التي اتشاركها مع ابي بعيدا عن امي اسرار رجل لرجل فبعد كل شيء انا لم اتجاوز الثانية عشرة من عمري لكن ويلات ما يعانيه الطفل في غزة تعطيه اضعاف عمره بمراحل،

فبعد ان اطمئنت وقبلت أختي الرضيعة ليلا والتي تنام بجوار امي حسنا لم اظن انها ستكون القبلة الاخيرة فأنا معتاد على تقبيلها كل يوم فاننا اصبحنا نعيش ايامنا وكانها الاخيرة منذ فتره لكن لم اكن اتوقع ان تكون مؤلمة الى هذه الدرجة إني هنا منذ وقت طوويل جدا انازع للحياة لا استطيع تحريك اصبع واحد والتراب مغط وجهي وبعضه في فمي اشعر بالضيق الشديد هنا جدا والساعات قد طالت وظهري يؤلمني فأنا على نفس الوضعية هذة لساعات طوال ولقد بدات افقد الامل في ان يعثر علي احد فلقد كنت على علم بافتقارنا لادوات الحفر والانقاد الازمة فكل ما يملكه شباب غزة هو ايديهم للحفر وبعض الادوات البدائية لاستخراج الناجين من تحت الركام وهذا يستغرق وقتا في خلاله يموت اكثر من نصفنا اختناقا او من تخثر جروحه الكثيرة ونموت ونحن نعاني من الآلام في حفرة ضيقة مظلمة او تحت عمود من اعمدت بيوتنا التي اوتنا لسني عمرنا فيها.

لكني أريد أن أخرج من هنا أريد على الأقل أن أطمئن على أهلي هذا كل ما أريد أريد أن أرى أختي الصغيرة فإنها قد أتت إلى عائلتنا بعد فترة طويلة من بعدي وأنا قد تعلقت بها وكانت روحي فيها وأمي وأبي فرحو بها جدا انتمى أن تكون بخير حق بدأت أشعر الآن بقدمي الاخرى اعتقد انه مع الصدمة والفاجعه لم أشعر بهول ما اصابها اظن انها لم تبتر لكني اشعر انها تنزف بغزارة فلقد بدات اشعر بالبلل يزحف الى بقية جسمي لادري هل هذا دماء قدمي فقط ام اي جزء من جسدي فمع ضيق المكان والآلام المتفرقة في كل انحاء جسدي ماعدت استطيع تحديد موقع النزيف، والتفكير يقتلني خائف من عدم تعرفهم علي فأنا نسيت البارحة ان اكتب اسمي على يدي ولا ادري هل بقي بوجهي ملامح لكي يعرفوني الجيران ام لا وهل سيعثرون علي حتى قبل ان تتحلل باقي ملامحي.

بدأت أشعر بفتور غريب اعتقد أنني أحتاج إلى غفوة غفوة صغيرة لن تضر على ما أظن فإنني أشعر بالتعب الشديد سأنام وأتمنى على الأقل أن راء أهلي في حلمي السعيد في بيتنا الدافئ وأختي تكبر أمام أعيننا وتذهب للمدرسة وأرافقها لأحميها من كل بأس وعندما نعود أنا وأختي نتحصل على أجمل الوجبات من والدتي العزيزة وحضن دافئ يزيد سعادتي هذه أقصى طموحاتي أنا ابن الأقصى.