آخر تحديث :الثلاثاء-21 مايو 2024-08:55ص

نوعان من الناس مع كل مفترق

الأربعاء - 19 يوليه 2023 - الساعة 10:11 ص

جاكلين أحمد
بقلم: جاكلين أحمد
- ارشيف الكاتب


حياتنا مفترق طرق، وكل مفترق سينتهي بمفترق آخر أنت وحدك من يحدد أيها يختار وحدك من يسير حيثما يظن أنه يستطيع أن يجد نفسه لا ما يريده الغير. 

وفي كل مفترق سيقف نوعان من الناس . نوع لا يستسلم وقد يعود من بداية الطريق حتى يجد نفسه في المكان الذي يريده ولا يهتم للوقت ولا للعمر ولا حتى لما يسميه البعض قدراتك الشخصية، وقد يكتشف في نفسه شخصا آخر مع كل إعادة أو بداية جديدة. 

هذا النوع من الناس هم من يصنعون الحياة، ويضعون علاماتهم على طول طريق رحلتهم، حتى يهتدي من يأتي بعدهم، ويتعلمون من تجاربهم ما يمكنهم أن يتعلموا. 

أمثال هؤلاء هم من يكتبون تاريخ الأمم، ويصنعون من خيباتها أمل يشحذ طاقة القادمين بعدهم، ويمدهم بالقوة والإصرار. وهم أيضا من يتركون خلفهم أفعالا لا أقوال.

أما النوع الثاني فهم أولئك السلبيون الذين يقفون على مفترق الطرق بتشاؤم يحللون سلبية ما يحدث قبل أن يذهبوا لتجربته، ويصنعون لأنفسهم أعذارا تمكنهم من العودة دون التجربة أو المجازفة فهم لا يرون فيما يفعلونه أمل وليس لديهم أدنى إيمان أنهم يستطيعون العبور نحو رغباتهم وأمانيهم. 

هم لا يملكون جرأة العبور نحو مستقبلهم، ولا  يعرفون حتى إن الغد لا يأت لمن ينتظره دون أن يذهب إليه، وأقوالهم أكثر من أفعالهم. لا يعرفون كيف يبدأون ولا من أين يبدأون هم فقط يجيدون ندب حظهم الذي تعثر بزعمهم قبل أن يبدأ، لكنهم لم يفكروا يوما أن يعطوه فرصة البداية ليكتشفوا ما تحمله لهم تلك البدايات، ولم يصلوا إلى نهاية الرحلة ليتعلموا كيف يصنعون النهايات. لم يجربوا الفشل حتى، ولم يفهموا أن الواقف في مكانه لا يصنع النجاح، ولا يستطيع حتى إن يفهم كيف تكون خيبة الفشل.

كلا الطرفين اختار طريقة حياته، لكنهما اختلفا في المفترق أحدهما قرر أن يغامر يفشل تارة، وينجح أخرى ويعود أدراجه ثالثة ورابعة، وربما عاشرة لكنه سيصل حتى ولو بعد حين.

وآخر قرر أن يقف أمام كل مفترق، ويترك لعقله تصور الخيبات دون تجربتها، ثم يعود أدراجه خوفا من الفشل وتكراره، دون أن يسير في أي من تلك المفترقات. 

لكن الأكيد أن الحياة لا تستمر إلا بمن قرر أن يجرب ويخسر، وربما  ينجح وبه تكاثرت الحضارات  والانتصارات، وسارت الأمم إلى مبتغاها. 

وتقف المجتمعات الراكدة التي يخشى فيها الفرد والجماعة من السير وتجربة الخطأ، حتى يصل إلى الصح، ولا تقوم عليها حضارة ولا مستقبل، ولا يمكنها حتى إن تحجز لنفسها مقعدا في تاريخ الأمم.