آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-11:31م

حرية الصحافة المستقلة للتنمية وسلام مستدام في اليمن

الإثنين - 01 مايو 2023 - الساعة 10:57 ص

عبدالرحمن علي علي الزبيب
بقلم: عبدالرحمن علي علي الزبيب
- ارشيف الكاتب


يحتفل العالم في اليوم الثالث من شهر مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي تعتبر حرية الصحافة من أهم ضمانات التنمية المستدامة والحكم الرشيد وتسعى كل دول العالم الحرة لتوسيع فضاء حرية الصحافة وتكسير أي قيود تعترضها .

وفي عامنا هذا  يحتفل 2023 يحتفل العالم بالذكرى الثلاثين لليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل معاناة وتراجع كبير لحرية الصحافة في العالم وفي  اليمن يعاني الصحفيين من تضييق هامش حرية الصحافة وذوبان الصحافة المستقلة الذي تعتبر هي نبض الشارع وصوت المواطن مما افقد الشعب صوته الذي كانت توصله الصحافة المستقلة الى أصحاب القرار فيعيدوا النظر في بعض الإجراءات وانتهاكات حقوق الانسان المخالفة للقانون كما تمارس الصحافة المستقلة  مسائلة مجتمعية لمؤسسات الدولة لنقد أخطاؤها وقصورها والمطالبة بتفعيل دورها ومعالجة اختلالاتها  وفقا للقانون كما ان لها دور إيجابي ضاغط لتعديل القوانين المعيقة للتنمية والحكم الرشيد و يهدف كل ذلك الى تعزيز جهود مكافحة الفساد وتصحيح المعلومات المظللة والمغلوطة لما للصحافة المستقلة من ثقة في أوساط المجتمع .

الاستمرار في الاستماع لصوت واحد وفكر واحد دون الاستماع لأفكار أخرى واصوات أخرى مغايرة يجعل اليمن في عزلة عن العالم ويجعل مؤسسات الدولة في أبراج عالية بعيدة عن هموم واحتياجات المجتمع والسبب هو في اغلاق المواقع الالكترونية الإخبارية والتحكم فيها وحجبها وكذلك استمرار اغلاق مؤسسات الاعلام المستقلة والذي يستلزم البدء في التفكير والنقاش لإعادة فتحها خصوصا مع التحركات الإيجابية الحالية في اليمن لتمديد هدنة إنسانية وصولا لإيقاف شامل للحرب والبدء في سلام مستدام والذي لن يتحقق ذلك الا بصحافة حرة مستقلة تكافح المعلومات المظللة والخاطئة الذي قد تفجر وتعطل جهود السلام بمعلومات مظللة وهنا دور الصحافة المستقلة دور إيجابي بناء .

وفي هذا الاطار وعلى مستوى عالمي والذي تعتبر اليمن جزء من هذا العالم الكبير تحتفل الأمم المتحدة عامنا هذا 2023م باليوم العالمي تحت شعار بناء مستقبل قوامه الحقوق: حرية الصحافة محور حقوق الإنسان واشارت الأمم المتحدة بان هذا العام 2023 تصادف اﻟذﻛرى اﻟﺳﻧوﯾﺔ اﻟﺛﻼﺛﯾن لليوم العالمي لحرية الصحافة.

وانها ﻣرت ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘود ﻣن اﻟﺗﻘدم ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﻣﻛﯾن اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ اﻟﺣرة وﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم بعد إعلانه في عام 1993 -  وﻣﻊ اﻧﺗﺷﺎر وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺑﻠدان وظﮭور اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟرﻗﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ اﻟﺗدﻓﻖ اﻟﺣر ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋﺑر اﻹﻧﺗرﻧت. ﻟﻘد ﻣرت ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘود ﻣن اﻟﺗﻘدم ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻷطر اﻟدوﻟﯾﺔ ذات اﻟﺻﻠﺔ. وﻣﻊ ذﻟك، ﺗﺗﻌرض ﺣرﯾﺔ اﻹﻋﻼم وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن وﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر للهجوم ﺑﺷﻛل ﻣﺗزاﯾد، ﻣﻣﺎ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ إﻋﻣﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻷﺧرى.

يواجه اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ أزﻣﺎت ﻣﺗﻌددة كاﻟﺻراﻋﺎت واﻟﻌﻧف، واﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣرة اﻟﺗﻲ ﺗﻘود اﻟﮭﺟرة واﻷزﻣﺎت اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ واﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻟﺗﻲ تواجه ﺻﺣﺔ اﻟﻧﺎس ورﻓﺎھﮭم ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم، ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻧﺗﺷر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺿﻠﻠﺔ واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺿﻠﻠﺔ ﻋﺑر اﻹﻧﺗرﻧت وﺧﺎرﺟﮭﺎ، ﻣﻣﺎ ﯾؤﺛر ﺑﺷﻛل ﺧطﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ وﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون وﺣﻘوق اﻻﻧﺳﺎن.

وﻣن أﺟل ﻣواﺟﮭﺔ ھذه اﻟﻣواﻗف واﻟﺗﮭدﯾدات اﻟﺣرﺟﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد، ﺗﺣﺗل ﺣرﯾﺔ اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن واﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻣرﻛز  اﻟﺻدارة. اﻟﺣﻖ ﻓﻲ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر، اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 19 ﻣن اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق  اﻹﻧﺳﺎن، ھو ﺷرط أﺳﺎﺳﻲ وﻣﺣرك ﻟﻠﺗﻣﺗﻊ ﺑﺟﻣﯾﻊ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻷﺧرى

ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻻﺣﺗﻔﺎل ﺑﺎﻟذﻛرى اﻟﺛﻼﺛﯾن ﻟﮭذا اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻟﯾوم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ ھو دﻋوة ﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ، ﻓﺿﻼً ﻋن وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ واﻟﺗﻌددﯾﺔ واﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ، ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﻔﺗﺎﺣًﺎ ﺿرورﯾًﺎ ﻟﻠﺗﻣﺗﻊ ﺑﺟﻣﯾﻊ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻷﺧرى.

في يوم حرية الصحافة العالمي نطالب في اليمن بإعادة الاعتبار للصحافة المستقلة في اليمن الذي تختفي بشكل متسارع وافساح المجال لها لطرح راي المواطن لنقل الحقائق المرة للرأي العام وصولاً الى أصحاب القرار للحد من الاختلالات الذي تستمر في ظل غياب الدور الناقد والمسائلة المجتمعية الذي تقوم بها الصحافة المستقلة بكل وسائلها المكتوبة والمرئية والمسموعة .

يستلزم افساح المجال للصحافة المستقلة للقيام بدورها الوطني الإيجابي في النقد البناء وكشف الاختلالات ومكافحة الفساد دون تمييز ولا استثناء ولا تبرير وهذا لن يتحقق الا بدعم الصحفيين المستقلين الذي يعتبروا هم ديناموا ومحرك الصحافة المستقلة وتمكين وسائل الإعلام المستقلة من العمل دون قيود ودون خطوط حمراء متزايدة حتى اصبح وطننا مثل دفتر الهندسة من كثرة الخطوط الحمراء الذي يتم بها تضييق حرية الصحافة وتقيد تحركاتها في مربعات صغيرة يضعف دورها الإيجابي .

استمرار غياب الصحافة المستقلة الفاعلة في اليمن يفاقم من الفساد والاختلالات وتبريرها لاستمرارها والخاسر الأكبر ليس الشعب بل القائمين على السلطة الذي تنهار مؤسسات الدولة وتسوء علاقة الشعب بها لتتفاجأ بانهيار متسارع لا تستطيع توقيفها كون الجميع قد وصل الى نهاية طريق لا رجعة فيها بعد ان تكسرت كل الجسور الذي كانت بين الشعب ومؤسسات الدولة الذي دمرها الفساد والخلل.

لكل طرف في اليمن جيش جرار من الصحفيين التابعين له والناطقين باسمه ولكل طرف وزارة اعلام ووسائل اعلام متعددة لتوضيح رايه والرد على اراء الاخرين المناوئين له وهذا من حق كل طرف ان يكون له وسائل اعلام خاصه به ولكن ؟

يستلزم ان لا يتسبب ذلك في تضييق هامش الحرية للصحافة المستقلة الذي يعتبر دورها هام جدا وهدفها نقل رأي المواطن ومناقشة همومه ومشاكلة باستقلال ودون انحياز ومسائلة مجتمعية لمؤسسات الدولة ودورها القانوني وان يكون هناك مجال واسع تتحرك فيه الصحافة المستقلة بحرية ودون قيود وان يتم الالتزام بتمكينها من كافة المعلومات دون حجب و إخفاء وتطبيق قانون حق الحصول على المعلومات لصناعة راي عام واضح وشفاف بناء على معلومات صحيحة وواقعية تعالج المشاكل وتكافح الفساد وتعزز من روح الشفافية وتحد من تفاقم الاختلالات وتراكماتها .

التضييق على الصحافة والصحفيين المستقلين يفسح المجال للصحافة الصفراء والناقدة نقد هدام والذي تجذب كثير من أطياف الشعب لقراءتها والاستماع اليها والذي تصنع راي هدام يهدم مؤسسات الدولة ويدمرها وبشكل متسارع وكان الأولى تشجيع وتسهيل عمل الصحافة والصحفيين المستقلين الذين يتحركون ضمن نقد بناء لتفعيل دور مؤسسات الدولة للقيام بدورها القانوني والحد من الاختلالات الذي تعاني منها .

الدولة في اليمن امام خيارين اما صحافة مستقلة حرة وناقدة نقد بناء او صحافة صفراء ناقدة وساخرة دون هدف سوى تدمير مؤسسات الدولة الأولى هو فتح المجال لصحافة مستقلة حرية بلا قيود ولا خطوط حمراء للقيام بدورها في كشف الاختلالات واقتراح المعالجات ومكافحة الفساد ومكافحة المعلومات الخاطئة والمظللة .

وفي الأخير :نؤكد على أهمية حرية الصحافة المستقلة في اليمن دون خطوط حمراء وبلاقيود لتفعيل دورها الإيجابي في التنمية و التسريع بالوصول الى سلام مستدام قائم على الحقائق والشفافية ومكافحة الفساد .

وفي يوم حرية الصحافة نحيي جميع الصحفيين اليمنيين داخل اليمن وخارجة وفي مقدمتهم الصحفيين المستقلين الذين يعملون في بيئة خطرة ويعتبر استمرارهم في عملهم خطوة إيجابية للحفاظ على نبض الحياة في صحافة حرة ومستقلة رغم الصعوبات والمعيقات الذي نأمل تجاوزها وإعادة نظر مؤسسات الدولة نحو الصحافة والصحفيين المستقلين كمنبر للشعب توصل صوتهم للقائمين على مؤسسات الدولة وتصحيح المعلومات المظللة والخاطئة وكاشفة للاختلالات ومقترحة للحلول والمعالجات والذي يعتبر دورها إيجابي ورديف لتفعيل الدور القانوني لمؤسسات الدولة وليست عدو وخصم لها من يرى ان الصحافة المستقلة عدو وخصم يجب ان يراجع رؤيته الخاطئة ويصححها ويستلزم تمكين الصحفيين المستقلين من كافة المعلومات وفقا لقانون حق الحصول على المعلومات للحد ومكافحة المعلومات المظللة الذي تنتشر في ظل غياب المعلومات الصحيحة عبر مصادرها الرسمية والذي يستلزم ان تخضع لتحليل وتدقيق قبل النشر وبعده للتحقق من صحتها ومراجعتها قبل نشرها ومطابقتها مع الواقع وعدم التقوقع في ثنايا الملفات يستلزم ان يكون هناك مقارنات وتحليلات مع الواقع .