آخر تحديث :الخميس-09 مايو 2024-11:27ص

رداد السلامي ..صورة بدون فلتر

الأحد - 28 أغسطس 2022 - الساعة 07:56 م

أزال الصباري
بقلم: أزال الصباري
- ارشيف الكاتب


في الحقيقة  لوكانت صورة الزبادي برفقة رداد السلامي في دولة أخرى لكانت بمثابة إعلان ممول،  يدر منه رداد أموالا طائلة ذلك أن الدول تضع مثقفيها في مرتبة مشرِّفة، حسنا  لم أكتب ليعرف رداد أني كتبتُ عنه،رداد  بحاجة لمن ينقذه من الرصيف وحسب،  الصورة جعلتني أكتب وحسب. 
صورة  الزبادي  برفقة رداد هي صورة بدون فلتر لليمن، نعم  هي صورة لليمن، و رداد نموذج لغالبية  الشعب  اليمني سواء مثقف كبير،   أو عامل  كادح، أو حتى مستور الحال، لا تغرنكم صورنا ونحن نكابر، هناك مثل شعبي يقول (الهنجمة هنجمة والغدا زبادي)  المثل يناسبنا جميعا، كلنا نردده ونضحك،  فإن المحظوظ منا هو من يتخذ  الزبادي وجبته مرتين  أو ثلاث في الأسبوع، والمنتصر هو من يلجأ إليه نهاية الشهر أربع أو خمس مرات، والثائر منا ذلك الذي يسرد النكات ويضحك. 
نحن  هنا أمام صورة لليمن، لسيت  مجرد صورة لرجل يتناول الزبادي، من لايعرف حقيقة اليمن عليه فقط أن يتأمل الصورة جيدا، لنبدأ بالمسكن، رصيفٌ عارٍ،  حائطٌ تزينه الشقوق، وبعض الحروف الباهته،  فضاءٌ ضيقٌ، يغطي أطرافه غبار السنين، أما رداد الكاتب فرجلٌ  بإمكانك أن تلتقط من عينيه  صورا كثيرة  لبؤس البلاد  ،  بأمكانك أن تدرك كم هذه البلاد منكسرة ومتعبة، وكم هي فارغة  من  الحياة وأنت ترى ظهر ه المنكسر   يستند إلى الفراغ،  ملابسُ رداد  هي الآخرى  منهكة، حذاء رداد كذلك متهالك، تعاونت الشوارع مع  إبرة مرقع الأخذية في جلعه غير مريح لأقدام صاحبنا. رداد أمام مائدة طعامه، لا تبدو مائدة لمن يراها،لكنها  مائدة بالنسبة لرداد ، فلفل أخضر (بسباس)  كيس من الخبز لاندري كم بداخله، ولا يمكن أن نتكهن حجمها الذي يتناقص يوما بعد يوم، زبادي أو حقين لا فرق بينهما، كلاهما بسعر واحد ويؤديان الغرض نفسه، فيساعدان رداد في دفع لقم الخبز من تجويف الفم حتى يتولى جهازه الهضمي بقية العملية المجهِدة،  الفلفل الأخضر(بسباس) يستخدمه كمقبل لوجتبه.
رداد  يمزق الخبز بأسنانه،يضيف رشفة زبادي، أو حقين قلت لكم لا فرق كلاهما بسعر ثلاثمائة وخمسين ريالا،  سنسميه  زبادي،  رداد لا ينسى المقبلات (البسباس)، في كل لقمة، تبذلُ  لسانُ  رداد مجهودا كبيرا في زج اللقمة إلى البلعوم يعاقبها بلسعات حارة من ال (بسباس)  ، تكرر العملية لمرات حتى يمتلئ جوف صاحبنا، يالها  من وجبة ! ويالهه من مشهد،  إنه مقطع قصير  للبلاد وهي تمضغ طعاهما،   صورة للبلاد وهي تكابر  وتتجلد. 
رداد كاتب محترف، يقول  أصدقاؤه ذلك، لكني حين شاهدتُ الصورة،وقبل أن أقرأ ما كُتب عنها،رأيت فأسا بمعية رداد، قلت: رداد حطابٌ، لكنه حطاب أخشاب ليس إلا، سألت: أين قلم رداد؟، وحين قرأت  ، ثم رأيت علبة الزبادي، توقفت كل الأسئلة، وتبادر سؤال وحيد: هل سينجح رداد في شراء علبة الزبادي كلما شعر بالجوع؟ 
#رداد_السلامي
#آزال_الصباري