آخر تحديث :الخميس-09 مايو 2024-06:18م

أعتذر لكِ انتصار

الأحد - 31 يوليه 2022 - الساعة 11:13 ص

أزال الصباري
بقلم: أزال الصباري
- ارشيف الكاتب


فليس بيدي شيء سوى التضامن في صفحتي المتواضعة والتي لن تُحدث شيئا يذكر، لتكن هذه الكلمات جعجعة وإن لم يكن خلف جعجعتها سوى جعجعةٍ أخرى، لكن ذلك ما أقدر عليه.. 

تضامنت مسبقا لأجلك، وقلت ما يقال عادة في التضامن والمؤازرة الفيسبوكية لكني لو كنت أملك سبيلا أخرى لإجلك لسلكتها، لكن السبل جميعها مفخخة كذلك الذي نصب أشراكه وأوقعك فيه. 

عزيزتي انتصار لاعلاقة للبشرة السمراء بهذا الخذلان الذي نؤازك به، لا أظنك تعتقدين ذلك، أنت تعلمين أن سحنة وجهك تشكلت من أرضنا السمراء، ومن تفاصيل حياتنا التي إلتقفتها برمتها بقصد منك وبدون قصد. 

نحن لا نستطيع المواجهة البتة، في كل يوم نشاهد قرص الخبز  يتقاصر عرضا وطولا،نقيس حجمه، ثم نشتريه، دون أن نسأل الخباز عما يحدث لميزان الخبز في الداخل،  وفي البيت نلتقط الصور لآخر قرص من الخبز ونتبادل ثورة من النكات. هل تنتظرين منا شيئا؟؟ أثق أنك لا تفكرين بهذه الطريقة. 

في حقيقة الأمر نحن مفرغون من كل شيء، من كل شيء يدعو للفخر، نحن نعيش فقط لأن الأقدار شاءت أن نستمر ولأننا لا نملك العزيمة ولا الشجاعة لأن نقتل أنفسنا، باختصار نحن  نعيش لأننا لا نستطيع الموت، أما ما يحدث في يومياتنا وما نقوله وما نكتبه عن الإنسان والوطن عن الحق والعدالة فهي ثرثرات هلامية لا علاقة لها بتلك المفاهيم العظمية التي حفظناها من هنا أو هناك، نحن نثرثر كثيرا لنصنع أقنعة نخبئ خجل أعيننا،  أعيننا تعرف جيدا أننا نكذب بكل صدق ولا نستطيع سوى أن نكذب.

عزيزتي انتصار، لا أعرف ماذا يحدث لك في السجن، أسمع أحاديث كثيرة مؤلمة،  لا أدري هل أصدقها أم ماذا؟  لكني أصدق من الألم شيئين اثنين، الأول  إنك هناك خلف القضبان وما خلف القضبان بشع ومخيف، على كل حال  لا يمكن للسجن أن يكون شيئا نزيها  في بلد لاتمتلك حريةً نزيةً ، أما  الألم الآخر فهو قلب أمك التي لا تعلم عنك شيئا سوى إنك في  السجن،  ولو كنت ولدا لكان الألم ألطف بها قليلا، ليس لأن الرجل أكثر تحملا،  لا، لا، كل مافي أن المثل يقول السجن للرجال، أما النساء فلا تدخل السجن إلا مجرمة ومنحرفة. أشفق كثيرا على إمك التي  تحارب الآن العار الذي يصنعه المجتمع، هي وحدها  تقاتل كل  هذا اللغو القبيح. 

عزيزتي انتصار،  أعتذر عن الخذلان،و عن هذا الهذيان الفارغ، لكني قلت لك مسبقا نحن لا نملك سواه، حسنا سأكرر التضامن  معك للمرة الألف فاقبليه مني، فأنا امرأة لا تملك سوى حروفٍ هي كل شيء في منزلها  ، في خزانتها، في حقيبتها وفي جيبها.