آخر تحديث :الأربعاء-29 مايو 2024-07:38م

بعد غياب

السبت - 17 أكتوبر 2020 - الساعة 01:13 ص

سماح عملاق
بقلم: سماح عملاق
- ارشيف الكاتب


 

وسائل التواصل الاجتماعية عوالم افتراضية مزيفة وخداعة بشكل كبير، لاأنكر فوائدها ولاأتغاضى عن أضرارها في مقالي هذا.

حين تنسحب منها وتنسلّ آخذًا نقاهة كليّة تستعيد ذاتك الحقيقية ببطء، تستكشف أغوار نفسك القديمة والتي فقدتها منذ زمنٍ مابين "لايك واسبسكرايب وشير وكومنت".
مالذي يعنيك في متابعة حالات الناس الجوفاء، وماذا تستفيد من تعليقات الفارغين على كل شيءٍ وأي شيء؟.
مثقفوه مخدعون بأنفسهم، ينصبون أنفسهم حكامًا على متابعيهم، مغرورن بلا إحساس، ممطوطون دون أساس، خاوون جدًا وجدًا من الداخل، يحظرون على الشاشة ويتلاعبون بالحروف لينتشلوا ماليس لهم ولن يكن يومًا ملكهم.. هؤلاء هم ثريا العالم الافتراضي فكيف بالثرى هنا؟!.
أناس فارغون دون هويّة، كل همهم أن يكتبوا أحداث يومهم البائسة في منشورٍ يجعلهم أبطالًا أمام متابعيهم بينما هم في الواقع "كومبارس" خاملين، سلبيين، لايدركون معنى المبادرة أو الإنجاز إلا فيما ندر.
وبينما تجري عقارب عمرنا مابين قدوة قذرة، ومطبلٍ مداهن نغفل عن أشخاصٍ كثيرة هم جوارنا بانتظار كلمةٍ حانية منّا كـأن نقول لهم "أأنتم بخير؟ ".

حينما تعود لبدائيتك تستعيد ذاتك المسلوبة بفعل العصرنة، تراجع حساباتٍ كثيرة سرقتكَ منكَ ذات رسائلٍ إلكترونية، ترتب أولويات علاقاتك مع ظلالٍ ناطقة أو كاتبة.

هذا العالم رفع أناسًا ووضع آخرين، أعلى من شأن من أدرك أبجدياته، وردم حفرياته الخفيّة تحت أنامله.
وأسقط من تعامل بعفويته وحسن نواياه في أسفل قعرٍ من مرارة كبدِه.

الحروف خداعة قد تخطئ في التعبير عن مقصدها بشكلٍ سليمٍ هنا ، وقد تبالغ فيما ترمي إليه، وربما تقصّر في عملية إيصال المقصد بنجاح.
والابتسامات كاذبة لاتكلفك أكثر من الضغط على حرف الهاء باستمرار كي توحي بفرحك بينما أنت تبكي بعمق.

هذا العالم متعبٌ ومريح، حسنٌ وقبيح، جارحٌ وطبيب.
ينبغي أن تعتزله بين الفينة والأخرى وتتحرر من فوضاهُ وعبثه ثم تحدد جيدًا ماذا يجب أن تعطيه وما ينبغي عليه أن يعطيك.

افتقدتكم
قبل_فوات_البوح
17/10/2020